لذلك فمراعاة قيادتنا للصحة تشمل كل القطاعات ذات العلاقة، لكي تصل الخدمة إلى المواطن وهو في كامل أريحيته واطمئنانه أنه في كنف رعاية حكيمة لا تبخل عليه بشيء.
ترسخ هذا الاهتمام مع صدور الموافقة الكريمة مؤخرًا على قرار تأسيس شركة الصحة القابضة، وتنظيم مركز التأمين الصحي الوطني، الذي يجعلنا نشهد امتدادًا لهذا الاهتمام بوضع الأسس لتمكين تحول القطاع الصحي والارتقاء بجودة وكفاءة خدماته، ضمن برنامج تحول القطاع الصحي، وفق رؤية المملكة 2030.
ولكي يتحقق المرجو من الخدمات الصحية عندنا، أنشئت الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، لتكون قادرة على تقديم أفضل الممارسات العلمية والعملية والتدريبية التي تخدم القطاع الطبي عمومًا، والذي يكفل بيئة متوازنة وملهمة، من خلال اعتمادات الأطباء والممارسين الصحيين، وتوفير بيئة مثالية لهم، لتطوير قدراتهم على تقديم المزيد من الكفاءات للقطاع الصحي في المملكة.
يأتي دور الهيئة المهم في تصنيف حاملي الشهادات الصحية، وتقييم شهاداتهم، ووضع الأسس والمعايير لمزاولة المهن الصحية، كما تتولى التسجيل المهني للممارسين الصحيين، للتأكد من أن الممارس الصحي مؤهل بالمهارات والمعارف والكفايات اللازمة لتشخيص وعلاج المرض بشكل مميز وآمن، فالهيئة تفخر بوجود أكثر من 600 ألف ممارس صحي، حققوا معايير هيئة التخصصات الصحية ويعملون في القطاع الصحي بكفاءة، ويساهمون في تحقيق الممارسة الآمنة، ويحافظون على سلامة المجتمع، فالممارس الصحي الذي يعمل في منظومة الرعاية الصحية والمصنف والمسجل في الهيئة اجتاز عددًا من المراحل التي لها دور كبير في تحقيق ما تسعى إليه نحو «مأمونية الممارسة»، وهي تدقيق المؤهلات، والتقييم، والتصنيف والتسجيل، فيما تؤدي الهيئة دورًا مهمًا في التأكد من توافر ساعات تعليم طبي للمحافظة على مستوى الممارس الصحي.
وجود هذه الهيئة في المجتمع، كفيل بمنتجات ومخرجات تضمن للبيئة الصحية السعودية النماء والاكتفاء، لتكون أشبه بوزارة دفاع وموارد بشرية وتعليم وتدريب صحي، يستفيد منه المواطن والمقيم المستحقان للرعاية الصحية، ويتمتعان بجودة صحية ناتجة -بعد عون الله- من القرارات التطويرية التي تم الإعلان عنها كنقلة نوعية في العمل والممارسة الصحية في بلادنا.
حيث سيقوم مركز التأمين الصحي الوطني برفع التصور الشامل للتأمين الصحي على المواطنين إلى اللجنة الإستراتيجية بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لأخذ موافقتها عليه، وذلك قبل البدء في تنفيذ التأمين الصحي على المواطنين، إذ حقق القطاع الصحي خلال المرحلة السابقة العديد من الإنجازات مثل تحسين جودة وكفاءة الخدمات الصحية وتسهيل الحصول عليها من خلال الاهتمام برقمنة القطاع، وإطلاق حزمة من التطبيقات (صحتي، موعد) وزيادة تغطية الخدمات لجميع مناطق المملكة.
وفي ظل تطور الأنظمة الصحية العالمية، سيعمل برنامج التحول الصحي على تمكين التحول الشامل في القطاع، وإعادة هيكلته ليكون نظامًا صحيًا شاملًا وفعالًا ومتكاملًا، ويأتي قرار تأسيس شركة الصحة القابضة، داعمًا لهذا البرنامج، وتحولاته المهم في هذا القطاع الحيوي، الذي يلامس كل إنسان يعيش على أرض المملكة.
ويعتمد البرنامج أيضًا على توسيع تقديم خدمات الصحة الإلكترونية والحلول الرقمية، وتحسين جودة الخدمات الصحية، والتركيز على رضا المستفيدين باتباع أفضل المعايير الدولية، وإنشاء وتمكين أنظمة الرعاية الصحية المتكاملة التي تغطي جميع مناطق المملكة من خلال تفعيل الشراء الهادف للخدمات، والمواءمة والتنسيق بين جميع جهات القطاع الصحي وبرامج تحقيق الرؤية، والمواءمة والربط مع الأهداف الوطنية الاستراتيجية خلال رحلة التحول.
الاهتمام الكبير بالقطاع الصحي، والذي نتميز به، سيشهد مع رؤية 2030 الكثير من المشاريع والإنجازات من خلال المدن الطبية والسياحة الطبية، وسنكون خيارًا لكثير من المرضى في العالم ليجدوا العناية والعلاج في المملكة العربية السعودية، وذلك من خلال تضافر الجهود بما يعود بالنفع في جميع القطاعات، والقطاع الصحي خصوصًا، بما يحقق الأهداف المستدامة، حيث إن المسؤولين عنه لا يدخرون جهدًا في إعداد الطبيب وطاقم التمريض وجميع الأجهزة التشغيلية لهذا القطاع وتطبيق النموذج الجديد للرعاية المتعلقة بالوقاية من الأمراض، فضلًا عن تحسين الوصول إلى الخدمات الصحية من خلال التغطية المثلى والتوزيع الجغرافي الشامل والعادل.
التحول والتطور الذي نشهده في القطاعات الصحية من خلال تجويد المهنة والممارسة من قبل الهيئة السعودية للتخصصات الصحية ببيئة العمل الجاذبة داخل الهيئة، وكذلك بمخرجاتها من كوادر بشرية طبية تتمتع بمهنية عالية، والتحول لنظام الشركات ومنح التأمين الطبي كحق لكل مواطن، سيجعل مجتمعنا في أمن وأمان من كل مرض ومن كل جائحة قد تقترب منه.