الإنسان هو من يضع القانون، ويغير هذا القانون عند الحاجة، بهدف التطوير لما هو أفضل، وهذه سنة الحياة، فما هي الركيزة الأساسية لهذا التغيير؟.

كل أفعالنا كبشر تحتمل الخير والشر، الخطأ والصواب، يقول المفكرون إن الحكم على الفعل قائم على الوقت والكيفية، متى حدث، وكيف حدث، ولكن هذا الأمر من وجهة نظري غير دقيق، والصحيح هو قبول الآخر أو الآخرين لهذا الفعل.

سأعطيك مثالا بسيطا جدا، قانون تقسيم الورث على الورثة الأبناء والزوجة أو الزوجات، هل الجميع يتفق على طريقة واحدة عادلة؟، لا بالتأكيد، هناك من يرى أن الرجل هو المسؤول في النفقة على الأسرة، ووجهته هذه منطقية إن كان لهذا التبرير، ولكن آخرين يرون أن العدل يكون بالتساوي بغض النظر عن الجنس أو طبيعة علاقة الوارث بالمتوفى، وأيضا هذه وجهة نظر صحيحة، ولكن ما الذي يجعل أحدها عند الفئة الأخرى ظلما؟، هو القبول، قبول الأفراد لأمر يجعله عرفا، والعرف يصبح حجة، والحجة مع الزمان إذا تم تداولها بالقبول نفسه تصبح قانونا.


القانون هو منهج وضعي متغير يعاقب ويقنن كل ما يعتبر تعديا على الآخر، والتعدي بشكل مبسط هو فعل حدث لم يقبله الآخر، وعليه يكون هذا الفعل اعتداءً أو إضرارًا بالضرورة، حتى وإن كان تأثيره نفسيًا.

مثال بسيط كالتشهير والإساءة، التي لا تقبلها الغالبية، ولكن هنا من يقبلها لرغبته بالاستفادة المادية، فيصنفها دعاية سلبية، الفعل واحد، ولكن قبول أو رفض من وقع عليه ذلك، جعله إما ظلمًا أو فرجًا.

من الجانب الآخر، ألم يعد التفكير في حقيقة وجود فكرة «الاستثناء»؟، ليس لأن الوقت أو الكيفية اختلفا عن المعتاد وكأن الحالة نادرة، إنما قبول أصحاب الشأن والقرار أعطاهم الإمكانية في كسر القانون المتعارف عليه بكل رحابة صدر، بل قد يكون تطبيق القانون في حالة الاستثناء ظلما وإجحافا.

لذا.. أرى أن العدل لا يقوم على الحق، وإنما قائم على قبولنا لهذا الحق. ويجب علينا شكر كل من كان مجحفا وظالما بتطبيق القانون، فهو يصنع لنا الحاجة بإعادة النظر في هذه القوانين وأنسنتها لما هو صالح للإنسان، وأيضا إعادة النظر بادعائهم في العدل وتطبيقه من باب المروءة المزعومة.