تزداد الشكاوى من هروب العاملات المنزليات، وأصبحت اللواتي يقررن الهروب لديهن خطة موحدة، تتمثل في العمل بشكل جيد فترة التجربة ومدتها 3 أشهر. ثم تهرب باحثة عن عمل آخر قد يكون مشروعا أو غير مشروع، المهم المردود المالي الأعلى، يهرب «معظمهن» بمساعدة وافدين من بني جلدتهن، يعملون غالبا في مكاتب الاستقدام أو في سوق سوداء لتوفير عمالة المنازل.

إذن هي مشكلة مركبة، وإن فحصناها بشكل دقيق، سنقول إنها جريمة مركبة، تشمل الإخلال بالعقد والاتجار بالبشر والتورط في أعمال مشبوهة، ناهيك عن ضياع حق المواطن الذي لا ينصفه أي نظام، بل ويلزم بدفع تكاليف الترحيل حال القبض عليها.

لكن المشكلة أكبر من هروب عاملة، هي مشكلة ذات أبعاد أمنية متعددة وما زالت الأنظمة تتعامل معها فقط على أنها مشكلة عمالة، الحلول ليست سهلة هذا صحيح، ولكنني أعتقد أن المشكلة ستتضاءل إن وضعت قوانين جادة لمكافحتها.

أقترح بداية أن يوضع بند في العقد يقضي بعدم تسليم العاملة راتبا عن فترة التجربة، بل يحتفظ به صاحب العمل، وقد يحول لحساب خاص لدى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، لا تستلمه إلا نهاية الخدمة حال إكمالها، أو يستخدم لتكاليف ترحيلها إن هربت، فيقلل هذا من خسائر صاحب العمل.

كما أقترح حال القبض على العاملة، التحقيق مع الأطراف كافة التي ساعدتها على الهروب أو شغلتها بعد هروبها، وفرض غرامات وسن عقوبات على كل المتورطين مواطنين كانوا أو مقيمين.

كذلك وضع قائمة سوداء تمنع بموجبها العاملة من العودة، هي وكل من ساعدها من المقيمين، بل تفرض غرامات على مكاتب الاستقدام، إن ثبت مشاركتها أو تسترها أو إهمالها ويغلق المكتب حال التكرار.

كما أنه من المهم جدا إعادة النظر في الصياغات القانونية الواردة في لائحة العمالة المنزلية، على سبيل المثال نصت المادة (18) من الفقرة الأولى:

«يعاقب عامل الخدمة المنزلية الذي يخالف أحكام هذه اللائحة وفق غرامة مالية لا تزيد على ألفي ريال أو بمنعه من العمل في المملكة نهائيًا أو بهما معًا».

وهنا يجب ألا تعطي اللائحة خيارا لمنفذ القانون، فوضع العامل المنزلي الهارب في اللائحة السوداء بعدم العودة للمملكة مباشرة، أمر مهم، كما أن الغرامة تعتبر بسيطة جدا، وفي رأيي ينبغي أن تشكل نصف رواتب العامل على مدة عقده لتكون عقوبة رادعة.

كذلك نصت المادة (6) الفقرة السادسة، على ألا يرفض العمل «العامل» أو يترك الخدمة دون سبب مشروع، وينبغي هنا تحديد الأسباب المشروعة، وعدم ترك العبارة القانونية مفتوحة هكذا، إذ أن العامل سيحاول بالطبع خلق سبب مشروع للهروب أو ترك العمل.

من جانب آخر أقترح أن تفعل التقنية والتطبيقات الذكية قدر المستطاع، لملاحقة الهاربين والسماسرة الذين يستخدمونهم، كأن تؤخذ للعامل بصمة للوجه يتم من خلالها التعرف عليه عبر تطبيق متاح لطالبي الخدمة، أو مقدمي الخدمات، فلا يستفيد من هروبه، وقد يسهم هذا في القضاء على هذه الظاهرة المتراكمة.