مع وصول درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، وعلى الرغم من الإجراءات التي تتخذها عدة دول لحماية العاملين في مهن تتطلب وجودهم في الخارج تحت أشعة الشمس، إلا أن عاملي مهن بعينها، ومنهم مثلاً المزارعون والعمال الموسميون وعمال البناء، يتعرضون إلى كميات كبيرة من أشعة الشمس، نظرًا إلى طبيعة عملهم في الخارج، وهو ما يجعلهم عرضة أكثر من غيرهم للإصابة بسرطان الجلد ما لم يتخذوا إجراءات الحماية اللازمة.

3 ملايين إصابة

تسجّل سنويًا في العالم ما بين مليوني حالة و3 ملايين من «سرطان الجلد غير الميلاني» الذي يمثل نحو 90% من سرطانات الجلد، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية.

إضافة إلى ذلك، تسجّل 132 ألف حالة ورم ميلاني خبيث، وهو أخطر أشكال سرطان الجلد، علمًا بأن هذه الأرقام تتزايد باستمرار.

أشعة فوق بنفسجية

يعد التعرض للأشعة فوق البنفسجية العامل الأول المسؤول عن هذه السرطانات، إذ يتسبب التعرض المتقطع القوي في حروق الشمس التي تعزز على المدى الطويل تطور الأورام الميلانينية.

أما التعرض للشمس لوقت طويل، كما مثلًا في المهن التي تمارس في الهواء الطلق، فيؤدي إلى ظهور الأورام السرطانية، وهي السرطانات الأقل خطورة لكنها الأكثر شيوعًا.

وهذا ما يجعل بالتالي الأشخاص الذين يعملون في الخارج من بين المعرضين للخطر منطقيًا.

احتياطات إضافية

قال رئيس النقابة الفرنسية لأطباء الأمراض الجلدية والتناسلية لوك سوليموفيتش «عندما تتراكم عوامل الخطر في عمل الشخص وفي حياته الخاصة، ينبغي أن يتخذ احتياطات إضافية، خصوصًا إذا كانت بشرته فاتحة أو لديه في العائلة سوابق تتعلق بسرطان الجلد».

ومن أبرز الإجراءات الوقائية التي تنصح بها النقابة تجنب التعرض لأشعة الشمس بين الظهر والساعة الرابعة بعد الظهر إذا أمكن.

وشدد سوليموفيتش على أن «أفضل حماية هي ارتداء الملابس الداكنة، ووضع القبعة والنظارات الشمسية، ومستحضر واقٍ من الشمس كل ساعتين أو 3 ساعات على الأجزاء المكشوفة من الجسم»

جهود للتوعية

تُبذل جهود للتوعية بالموضوع منذ سنوات في فرنسا، لكنّ مدير جمعية «السلامة الشمسية» التي تتعاون مع منظمة الصحة العالمية بيار سيزاريني لاحظ أن التوعية في شأن الوقاية ما زالت غير كافية.

زخم جديد

أشار سيزاريني إلى أن تصنيف ألمانيا عام 2015 سرطان الجلد الناجم عن الأشعة فوق البنفسجية على أنه مرض مهني أعطى زخمًا جديدًا للاهتمام بهذه المسألة، وقاد إلى إعادة إطلاق حملات الوقاية والفحص.

ومن أبرز المعرّضين للخطر بسبب مهنهم سعاة البريد والبستانيون والعمال الموسميون وبعض عناصر الشرطة والمشرفون على مواقع السباحة وصيادو السمك وبالطبع... المزارعون.

سلوكيات المزارعين

نشر المتدرب الطبي الشاب ماتيو لونجيه أطروحة حول سلوكيات المزارعين حيال خطر التعرض لأشعة الشمس في منطقة فرانش كونتيه في شرق فرنسا الواقعة على طول الحدود مع سويسرا.

وأبرز الخلاصات التي توصل إليها لونجيه أن المزارعين معرضون بشدة، إذ يمضي معظمهم من 6 إلى 7 أيام في الأسبوع في العمل، بينها ساعات طويلة في الخارج. ومع ذلك، لا يبدي 56% منهم أي قلق من تعرضهم للأشعة فوق البنفسجية، وفق ما أفاد الطبيب.

ويشكّل وضع القبعة أهم الإجراءات الوقائية التي يلجأ إليها هؤلاء، لكنهم لا يولون المقدار الكافي من الاهتمام بارتداء الملابس الواقية الأخرى، فضلًا عن أن المزارعين خصوصًا الرجال لا يستسيغون استخدام مستحضرات الحماية من أشعة الشمس. إهمال الفحوص

تبدو نسبة الإقبال على خدمات الرعاية الصحية المناسبة ضعيفة، إذ إن 63.5% لم يخضعوا يومًا لأي فحص للجلد من قبل طبيبهم العام، في حين أن 61.5% لم يجرِ لهم هذا الفحص طبيب الأمراض الجلدية.

وخلص الباحث إلى أن 74% يدركون أنهم معرضون لخطر الشمس، لكنّ هؤلاء لا يتخذون ما يكفي من تدابير الوقاية.

معدات الحماية

ذكرت ناتالي كلاستر من الرابطة الوطنية لمكافحة السرطان أن «التشريعات الفرنسية تلزم أصحاب العمل توفير معدات الحماية، لكنّ الموظفين قد يرتدونها أكثر إذا كانت أنسب».

واستشهدت بمثال البستانيين الذين يرتدون قمصانًا قطنية وسترات بوليستر، فلاحظت أنهم «يعانون إذ فاقت درجة الحرارة 30 درجة، بينما تتوافر في السوق ملابس مضادة للأشعة فوق البنفسجية تتيح تهوية وتنفسًا أفضل».

ورأت أن ثمة أمرًا آخر ضروريًا هو توفير مستحضرات واقية من أشعة الشمس منهجيًا للعمال الخارجيين.