يقول الخبر «كشفت مصادر مطلعة في وزارة التعليم، أنه لا صحة لما تم تداوله حول موافقة وزير التعليم على توصية مجلس الشورى إلغاء نظام الفصول الثلاثة في السنة الدراسية الجديدة في العام الدراسي المقبل، مؤكدة أنه لم يصدر عن الوزارة أي موافقة حتى هذه اللحظة»، مع العلم بأن مجلس الشورى لم يطالب التعليم بإلغاء الفصول الثلاثة في توصيته بل إعادة النظر في تطبيق نظام الفصول الأكاديمية الثلاثة. وهنا يأتي السؤال المشروع: ما هي حيثيات هذا النوع من التعليم؟

الجواب: إنه استعارة تجربة لدول مختلفة أقرت هذا النوع من التعليم مثل بريطانيا وأستراليا ودول أخرى.

وهنا يأتي السؤال الآخر: هل تمت دراسة التجربة بعمق؟ هل وزارة التعليم ناقشت الوزارات الأخرى ومجلس الشورى لتطبيق التجربة؟

قد يقول قائل: وما دخل الوزارات الأخرى ومجلس الشورى بإقرار النظام، المسؤول فقط وزارة التعليم. وهنا تتجسد المشكلة الكبرى في التعليم، وهي قناعة مسؤوليه بأن التعليم جهاز مستقل بذاته، وبالتالي هي من تقرر كل أنظمتها، نعم ولكن وزارة التعليم تكاد تكون هي الجهاز الوحيد الذي يحتاج إلى تبرير وتعليل في أغلب قراراته من الأجهزة الحكومية الأخرى، كونه مرتبطا بخطط الدولة الشاملة، وعليه قرارات التعليم لا تخص مسؤولي وزارة التعليم فقط؛ وإنما تخص وتعني جميع مسؤولي وزارات وأجهزة الدولة بشكل عام.

باعتبار أن مخرجاته هي التي سوف تكون الداعم والرافع لكل خطة من خطط الوزارات في الدولة ومؤسساتها العامة والتي تتلاقى جميعها في مصب التنمية الشاملة.

وهذه النظرة الشمولية للتعليم وعدم استقلاليته عن الأجهزة الأخرى جاء بها مؤسس البلاد الملك عبد العزيز رحمه الله ومسؤولو الدولة آنذاك، ولعل هذا هو سر التنمية التي نشهدها في بلادنا الآن ونحن علينا إكمال المسيرة.

يذكر الدكتور الوابلي في أحد أبحاثه وهو المتخصص في التاريخ هذه القصة «في عام 1931، زار المملكة الرجل الصناعي الكبير والمحسن الشهير تشارلز كرين، عندما كان اسمها آنذاك مملكة الحجاز وسلطنة نجد وملحقاتها.

السيد كرين زار مدرسة في جدة واطلع على مناهجها وطرق التدريس فيها. وعندما التقى بعد زيارته للمدرسة بالمغفور له الملك عبد العزيز طيب الله ثراه؛ سأله لماذا لا تدرّسون ضمن مناهجكم الدراسية العلوم كالكيمياء والفيزياء والجيولوجيا واللغات الأجنبية؟

ابتسم الملك عبد العزيز، وقال لتشارلز كرين: نعم نحن نعي تماماً أهمية العلوم واللغات في التعليم؛ ولكننا الآن بحاجة ماسة إلى موظفين يعرفون جيداً القراءة والكتابة وعلم الحساب، وبعد سد حاجة الدولة من الموظفين، سنبدأ ندخل من المناهج التي ذكرت ما نحتاج إليه في الفترة التي بعدها.

فنظر السيد كرين إلى الملك عبد العزيز وقال له وهو معجب برده الذي ينم عن علم مسبق ودقيق بعلاقة التعليم بالتنمية: إذاً أنت أدرى مني بما يخدم مصلحة شعبك ودولتك.

وهنا يأتي السؤال: لماذا لم يأخذ الملك في تلك الحقبة بتجربة مصر وهي الأكثر تطورا حينذاك في التعليم بالنسبة للعالم العربي. الجواب: المملكة لديها خطط ولها مرحلتها فليس من الفراسة أن تأخذ تعليما لدولة ما متطورة وتسقطه إسقاطا على دولة أخرى لها أهداف أخرى مختلفة.

وعليه يجب على وزارة التعليم الاستماع الدقيق لمجلس الشورى باعتباره الجهاز الاستشاري والخاص في دراسة المشاريع والجوانب النظامية للموضوعات المختلفة.