قبل أيام قليلة طالبت المملكة العربية السعودية من خلال بيان مشترك صدر عن الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، طالبت إدارة مواقع «يوتيوب» التابعة لشركة «قوقل» بحذف إعلاناتها ذات الطابع الإباحي الذي يتعارض مع القيم والمبادئ الإسلامية، والعرف الاجتماعي السائد في المجتمع السعودي، حيث أكدت الهيئتان حرصهما على التزام مختلف منصات التواصل بالضوابط والأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية.. وفي حال استمرار بث المحتوى المخالف فسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة... وباستجابة سريعة جدا، أكد متحدث باسم شركة «قوقل» في الشرق الأوسط ردا على بيان الهيئتين: «أزلنا الإعلانات غير الملائمة التي ظهرت في منصاتنا، وأغلقنا حسابات المعلنين فور تأكدنا من مخالفتهم سياستنا الصارمة».

وقبل ذلك بقليل.. وخلال قمة جدة للأمن والتنمية تحديدا كانت القيم هي الرسالة الواضحة والصريحة التي أرسلت للعالم أجمع على لسان سمو ولي العهد محمد بن سلمان- حفظه الله- حيث قال: «على العالم احترام رسالتنا وقيمنا النبيلة.. نحن نفتخر بقيمنا ولن نتخلى عنها»، وأكد سموه بما معناه.. أنه لا مجال لفرض قيم على مجتمعنا لا تناسبه.. وهذه رسالة واضحة جدا وجهها للعالم عراب الرؤية السعودية.. وقائد التغيير والانفتاح.. ومهندس المستقبل القائم على أسس نماء مستدام يواكب الانفتاح العالمي.. ويحترم الحريات الشخصية والمجتمعية.. ولكنه بنفس الوقت لا يتهاون ولا يتنازل عن قيم إسلامية ومجتمعية سعودية هي أساس البناء في الوطن السعودي.

وحتى نكون صادقين ليس من السهل أن تتمسك بقيمك في الوقت الذي تريد به أن تتغير وتواكب العصر لتصل إلى الصدارة العالمية.. ولكنها السعودية.. وهو محمد بن سلمان بن عبد العزيز.. الدولة التي يخلو تاريخها من أي موقف تنازلت به عما يتعارض مع قيمها أو قناعاتها.. والوطن الذي منَّ الله عليه بقيادة هينة لينة مرنة متقبلة لكل تغير يخدم الوطن والمواطن.. في الوقت الذي تقف فيه بحزم وصرامة وشدة لا تخشى ولا تخاف لومة لائم في ما يمس قيمها وثوابتها.

الموقف السعودي تجاة القيم لا خلاف أو تباين فيه بين القيادة والشعب.. نحن معهم كما نحن معا على كل شيء.. نعتز بقيمنا ونعمل على تأصيلها في أنفسنا وآبائنا أولا.. وتحقيقا لأحد أهداف رؤيتنا الواعدة ثانيا، حيث إن تأصيل القيم وتصدير ملامح الهوية السعودية بقيمها الأصيلة للعالم هو أحد الأهداف التي نعمل عليها من خلال قطاعات مختلفة بجد وعزم.

الرد والاستجابة السريعة على الحزم السعودي في ما يخص احترام القيم فرض احترامه على العالم، وهذا ما رأيناه في قمة جدة.. وبعدها في استجابة "يوتيوب" وحذفه لكل ما يتعارض من القيم.

ولكن.. ما يؤلم حقا هو فهم العالم واحترامه لقيمنا في الوقت الذي ما زال فيه– البعض– من أبناء هذه الأرض وممن يتوسدون حضن احتوائها وخيراتها.. ويرفعون رؤوسهم شموخا بانتمائهم لها.. ومع ذلك ما زالوا يجهلون أو يتجاهلون كيفية ممارسة الحرية مع الاحتفاظ بالقيم الإسلامية والهوية السعودية!

الجهات المسؤولة لم تقصر ولم تتوان في بث رسائل التوعية بما هو مسموح وما هو محضور ولكن عند البعض– لا حياة لمن تنادي– والجهات الأمنية مشكورة تلاحق بشدة من تجاوز حاجز المقبول إلى المستنكر عرفا وقانونا.. ولكن ما زال البعض يصر على ممارسة الحرية الزائف ونشر عفنها على وسائل التواصل متخذا التجاوز من باب الحرية سلما للوصول إلى الشهرة والمال عن طريق إثارة الجدل والقفز فوق حواجز القيم

وهنا استغرب جدا من هؤلاء– البعض– فأنتم سعوديون.. جنسيتكم نعمة وهبها الله كل من انتمى لهذا الوطن.. وحلم لكل من جارت عليه الأوطان.. جنسيتكم هي من رفعتكم ووضعت لأسمائكم «أل» تعريف لتصبح جواز مروركم في عالم الإعلام الجديد بمنصاته المختلفة.. فليتكم تحترمون هذه الجنسية الطاهرة والعظيمة بثوابتها وقيمها.. ليتكم قبل أن تقرروا التحرر من قيود الحرية– المقننة– وتتمايلوا وتمارسوا العبث على أنغام وكلمات الأغاني الوطنية التي هي منكم براء... ليتكم تعتزون بوطنيتكم بإطاعة ولي الأمر فيما أمر.. وبخاصة بما يتعلق بالقيم!

نحن نحتاج لمشاهير ومحتوى رقمي يصدر قيمنا للعالم.. فاصنعوا محتوى يليق بالوطن والمجتمع.. فهذه هي الوطنية الحق.

الانفتاح وما يصاحبه من حرية له ضوابط وأصول. فليست هناك حرية مطلقة.. ومن المؤسف أن يحترم العالم بأكبر منصات تواصله رغبتنا باحترام قيمنا.. ويأتي البعض من أبنائنا ويكسر حواجزها بمحتواه وتجاوزاته وإيحاءاته غير المقبولة.. لا تشغلوا الجهات الأمنية بطيشكم وبركضكم تجاه مصيدة جنون الشهرة والكسب السريع التي تتجاوزون بها قيم مجتمع بأكمله وتؤثرون سلبا في غيركم.

ولكن.. الحمد لله.. فهم مهما كثر وجودهم وعلا طبل محتواهم الأجوف في مواقع التواصل الاجتماعي إلا أنهم قلة قليلة مقارنة بمن من الله عليه بالوعي العميق بطريقة ممارسة الحرية ومواكبة الانفتاح مع التمسك بالقيم والهوية.. فليتنا نتجاهلهم ولا نتفاعل مع إعلاناتهم أو تجاوزاتهم.. فهذا ما سيعيدهم إلى الظل حتى لا يبقى لتجاوزاتهم أثر يذكر.