المنظمات اللاذكية هي منظمات تظهر قدراً كبيراً من ضعف الفهم وقلة التعلم وضعف الشعور بالمشكلات وبطء الاستجابة الصحيحة لها، وقد يتبادر إلى الذهن أن سيادة اللاذكاء في المنظمة ناتج من توظيف موظفين غير أذكياء وبالتالي أصبحت المنظمة تفتقد الذكاء وساد الروتين واستشرت البيروقراطية فيها، والحقيقة أن المشكلة ليست بهذه الطريقة غير المنطقية.

إن أهم مظهر من مظاهر المنظمة اللاذكية أنها تتعب وتجتهد في توظيف الأشخاص الأذكياء ثم تطلب منهم تنفيذ مهمات روتينية دون الاستفادة من ملكاتهم وقدراتهم الإبداعية.

يقول ستيف جوبس: «من غير المنطقي أن توظف الأذكياء ثم تخبرهم بما عليهم أن يفعلوا، نحن نوظف الأذكياء لكي يخبرونا بما علينا أن نفعله»، وهنا يكمن سر نجاح المنظمات التي تستدعي الذكاء والتفكير من الموظفين، وتطلق العنان للأفكار الإبداعية، وتشجع على الاستفادة منها من خلال إذابة الحواجز التنظيمية داخل المنظمة والسماح بسريان الأفكار لحل المشكلات بكفاءة وفاعلية.

المشكلة التي تعاني منها القيادات في كثير من المنظمات هو الخوف من الذكاء والأذكياء في المنظمة، لأن الكثير منهم يعتقد أن مستويات الإنجاز الحالية مرضية ولسنا بحاجة للمزيد لأن عمليات التطوير مكلفة، وهنا يكمن اللاذكاء الذي يشجع الموظفين على الركود والاستمرار في روتينية العمل، وعدم التفكير في رفع الكفاءة بتقليل الوقت أو الجهد أو التكلفة، وقد يعتقد القائد أن توظيف الأذكياء وتمكينهم قد يؤدي إلى إزاحته في المستقبل.

ومن أخطر المظاهر التي تظهر على المنظمات اللاذكية التركيز على نقاط القوة وإظهارها في الاجتماعات والتغني والتباهي بها، وتناسي نقاط الضعف وقلة مناقشتها بسبب عدم التشخيص الدقيق أحياناً، أو بسبب النظرة إلى المشكلات على أنها صغيرة وغير مهمة مما يؤدي لتفاقمها مع الزمن، وعلى سبيل المثال يعتقد الكثير من القادة أن الاعتماد على الاسم أو العلامة التجارية كافٍ لاستمرار النجاح لأن الناس يحبون هذا الاسم أو هذه العلامة، والعلاقة العاطفية مع العملاء تؤلف هالة من عدم الوضوح لديهم وبالتالي تزداد مظاهر اللاذكاء في المنظمة وفي النهاية يكون الانهيار التنظيمي والمالي وكوارث الفناء التنظيمي.

كما أن المنظمات التي تعتمد على تزوير التقارير، والعمل الخفي، والمنافسة غير العادلة، والاعتماد على الطرق غير الأخلاقية، أو استخدام المواد الأولية الرديئة أو الخطرة التي تستخدمها لتقليل التكلفة، هي منظمات لاذكية بامتياز، لأن هذه المظاهر وإن كانت كافية في حل المشكلات على المدى القصير، وذات تكلفة أقل، إلا أن العواقب التي تترتب عليها ستكون القاضية على المنظمة، وإن طال الزمن، وفي النهاية ستزول هذه المنظمة بسبب العمليات الراكدة التي لا محالة ستؤدي إلى اقتناص هذه النقاط من قبل المنافسين، أو أن تؤدي إلى المزيد من الممارسات غير الأخلاقية للتغطية وفي النهاية الغوص في وحل الكذب والتزوير والمساءلات القانونية ومن ثم السقوط المدوِّي للمنظمة.

إن بحث القائد عن مسببات ومسببي ضعف الذكاء داخل المنظمة هو أول الحلول للخروج من مشكلة اللاذكاء، ومن ثم تدريب وتشجيع الموظفين في مختلف المستويات التنظيمية على التفكير المستمر، وإدارة عمليات الابتكار، وتشجيع أفكار رفع الفعالية والكفاءة، وقياس التقدم في القضاء على المشكلات بطرق إبداعية، سيكون هو الحل نحو تحقيق الأهداف واستمرار المنظمة في الحياة.