قالت العرب (ومن الحب ما قتل)، بينما أثبت بعض الدراسات أن المحبين أوفر صحة وأطول عمراً، ربما ذلك لتطور وسائل التواصل بين الناس، فأصبح البعد قليل حدوثه، المحبون متوهجون، ولديهم جهاز مناعي أفضل، ولكن على الإنسان أن يتجنب الإفراط في المشاعر، فكل ما زاد عن حده انقلب إلى ضده، أحبوا هوناً وابغضوا هوناً، وإن استطعتم لا تحزنوا أبداً.

الحزن يقضي على الإنسان، ويسبب له الأمراض، فالدراسات وجدت علاقة بين الأمراض السرطانية والحزن، كذلك الأمراض المزمنة والاكتئاب. الحزن ليس مجرد شعور بل مرض بحد ذاته، يجب مقاومته، ألم يمت شباب يانعون نتيجة خسارة أنديتهم، أو يقدِمُ بعضهم على الانتحار إذا مات نجمه المفضل! حينما كنّا صغاراً كنا نرسم قلباً مكسوراً في دفاترنا كلما وجدنا ما يحزننا، وحينما كبرنا أصبح الرمز الأكثر استخداماً في محادثاتنا، ولكن هل بالفعل القلب ينكسر، يتوجع بغير أمراض القلب المعروفة! هل من الممكن أن يموت إنسان بسبب انكسار قلبه؟ وإذا كان ذلك فمتى!

اكتشف هذا المرض طبيب قلب ياباني عام 1990، وهي حالة مؤقتة، تشبه أعراضها النوبة القلبية، نتيجة صدمة عنيفة، كالحزن العميق وممكن أن تسبب ضعفا شديدا في عضلة القلب، إذا لم تدرك الأزمة النفسية.

الحزن ليس شعورا نفسيا بل مرض قاتل، يتسبب في ارتفاع هرموني الأدرينالين والنورادرينالين، فتؤثر في القلب، ويزداد معدل نبضاته ومن الممكن أن يقل ارتواء العضلة. حينما تحزن تشعر بنغزة في صدرك، فيخيل لك أنه مجرد ألم نفسي، سيذهب، ولكنه في الحقيقة ربما يذهب بحياتك أيضا.

بعض الأطباء لا يصدق أن طفلاً سليماً ليس لديه تاريخ مرضي قد يُصاب بأزمة قلبية، ويربطون أي وجع في جهة القلب بالآلام العضلية، ليموت في تلك الليلة أثناء نومه. ليس مجرد خيال، بل قصة حقيقية، حدثت منذ سنوات لابن الجيران، ربما قبل أن يكتشف العالم الياباني متلازمة القلب المكسور، بكى الطفل ذو العشر سنوات طويلاً بعد وفاة أمه، وفي الليل اشتكى من ألمٍ في صدره فأخذوه للطبيب الذي استبعد إصابة طفل بأزمة قلبية، فمات من ليلته. كنا صغاراً لم نعرف لماذا مات، ظننا أن الصغار الذين يمرضون وحدهم يموتون، أمّا الإصحاء فيكبرون ليحققوا ما يتمنون. المصابون بمتلازمة القلب المكسور عادة يتعافون جيداً إذا نجوا من المرحلة الحادة الخطيرة، الخطورة تكمن في الساعات الأولى، تزداد مخاطر الإصابة بالإصابة القلبية بـ21 ضعفاً في الـ 24 ساعة التي تعقب الصدمة النفسية، كموت شخص عزيز، وفي الأسبوع الأول تزداد بنسبة 6 أضعاف فقط، أي تقل النسبة كلما تباعد الوقت، وبذلك يكون التشخيص والعلاج المبكر مهما لتجنب المضاعفات الناجمة عن القلب المكسور. ليس وهماً وليس مجرد ألم عضلي، الحزن الذي أفقد يعقوب بصره وأمات ابن الجيران وقتل مشجعي كرة القدم كمداً على أنديتهم، ناتج عن شدة التعلق والحب، ليس هناك أكبر من حب الأب لابنه فكيف إذا كان النبي يوسف، وتعلق الابن بأبويه طبيعي، وتعلق الأزواج ببعضهم طبيعي، فقد وجدت الدراسات أن الأزواج غالباً يلحقون بزوجاتهم سريعاً من كثرة الحزن بالذات بعد عشرة طويلة، بينما لا يحدث هذا للنساء الأرامل، ليس لقلة وفاء، بل لقوة صبرهن ولقدرتهنّ على التكيف، الحب المطلق للأشياء مدمر، يحتاج الإنسان أن يحب ذاته أكثر، وأن يقنن مشاعره.