تمثل الغرف التجارية حلقة الوصل التي تربط مؤسسات القطاع الخاص بالجهات الحكومية، وتحمل هموم وآمال رجال المال والأعمال بما يؤدي إلى تنظيم أعمالهم وحفظ مصالحهم، عبر توفير حزمة من الخدمات التي تشمل طرح الفرص التجارية، والتواصل مع السلطات لبحث شؤون العمل والتجارة، بهدف المساعدة في إيجاد اقتصاد وطني ناهض، والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع.

تلك باختصار أبرز المهام الموكلة بها إدارات الغرف التجارية التي إن تمكنت من أدائها بالشكل المرجو فإنها تكون قد أسهمت في تنشيط الحركة الاقتصادية، وبالتالي تحسين أداء الاقتصاد الوطني وجودته؛ وتحقيق الأهداف المرجوة من إنشائها.

وقد مرت تجربة الغرف التجارية بالعديد من المراحل والمحطات منذ بداية ظهورها التي تعود إلى قرابة 74 عامًا، حيث صدر الأمر السامي بتأسيسها عام 1369هـ، وشهدت العقود الماضية تعديلات كثيرة في النظام لتحسين العمل وتجويده، آخرها صدور نظام الغرف السعودية الجديد في ديسمبر 2020 الذي تضمن تعديل المسمى إلى «اتحاد الغرف السعودية»، واستحداث جهاز إشرافي باسم الجمعية العمومية وتفعيلها ومنحها الصلاحيات اللازمة لدعم حوكمة الأعمال وتعزيز النزاهة والشفافية في المجلس والغرف التجارية.

السؤال المطروح الآن هو: هل يتوازى حجم الأداء الفعلي للغرف التجارية مع هذه الصورة المشرقة أم أن الأمر تحول في عرف كثير من أعضاء تلك الغرف إلى نوع من «الشو» الاجتماعي والإعلامي، بحيث تتبخر الوعود التي يطلقها الأعضاء الكرام خلال حملاتهم الانتخابية بمجرد دخولهم مجالس الإدارة؟

للأسف فإن كثيرًا من الغرف التجارية في المملكة لم تقم بالأدوار المطلوبة منها، واقتصر نشاطها على عدد من الفعاليات والأنشطة التقليدية التي لا تزال تراوح مكانها، وذلك لأسباب متعددة، من أبرزها النمطية في التفكير وعدم القدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية، نتيجة للتكتلات التي تأتي في بعض الأحيان بأشخاص كل مؤهلاتهم أنهم يمتلكون سجلات تجارية ربما تكون غير فاعلة، إضافة إلى ضعف تمثيل عنصر الشباب في غالبية المجالس، وغياب الإدراك السليم لأهمية الدور الذي يجب أن تضطلع به هذه الغرف، وعدم التوزيع السليم للغرف حسب المناطق الإدارية وهو ما يعيق القدرة على تشكيل كيانات مؤسسية ذات قدرات وإمكانات وموارد مالية وإدارية وبشرية كافية.

ولأننا نعيش في مرحلة رؤية 2030 التي تشهد بلادنا على ضوئها تطورات كثيرة ونهضة اقتصادية فإن المطلوب هو استصحاب تلك المتغيرات، والتركيز على القضايا التي تهم مجتمعنا مثل القضاء على التستر وتمكين أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والمساهمة في تقليص معدل البطالة، وزيادة تفعيل العنصر الشبابي في مجالس إدارات الغرف عبر كوادر مؤهلة تمتلك رؤى تطويرية تتجاوز حدود التقليدية، وأن يكون الانضمام لهذه المجالس من باب التكليف وليس التشريف، وألا يتحول إلى مجرد «بيزنس كارد» أو نوع من البرستيج الاجتماعي.