ليست هناك علاقة بين التسمية (ألفا) والإشعاعات النووية (ألفا وبيتا وجاما)، وإنما هي تسمية يستخدمها الباحثون ووسائل الإعلام، ويصفونهم بأنهم الجيل المولود بين (2010 ونهاية 2020)، وهو جيل سبقه الجيل (زي)، وقد يعقبه من الأجيال (بيتا وجاما الخ..).

هذا الجيل يعيش في فترة مختلفة كثيراً عما سبقه من أجيال، وتتحكم في حياته العديد من المتغيرات، والأنماط الاجتماعية الجديدة، والتي تشكل فيها التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الألعاب سمة الحياة لديهم، لأنهم ولدوا في العصر الذي كانت فيه تقنيات الإنترنت والاتصالات في أوج تقدمها، وبالتالي فهم لا يعرفون وسائل التواصل القديمة، ولم يتعاملوا معها أبداً، ومن هنا فإن تفكيرهم وتعاملهم مع الواقع يتسم بالكثير من الاختلاف، وعلى هذا الأساس فإن طرق التفاعل معهم من قبل الأجيال السابقة وخصوصاً آباءهم وأمهاتهم ومؤسسات التربية يشوبه الكثير من الغموض بفعل قلة الأبحاث التربوية والاجتماعية التي تناولت هذا الجيل، والاختلاف في أنماط التفكير والعلاقات الاجتماعية، والمعرفة بما يدور في العوالم الافتراضية، حيث إن الكثير من الأجيال السابقة لا تتعامل مع المنصات الجديدة، أو لم تسمع عما يدور فيها في كثير من الأحيان.

وأسوق لكم قصة غريبة عن نمط التفكير لدى الأطفال من هذا الجيل، وهي أن معلمة سألت أحد الأطفال عن أمنيته في المستقبل فأجابها بأنه يريد أن يكون (بيتزا)، وآخر ذكر أنه يرى نفسه (بات مان)، استغربت المعلمة كثيراً، وجاءتها الإجابة أن (البيتزا) هي شخصية في إحدى مسلسلات الكرتون، و(بات مان) هو شخصية معروفة في أفلام السينما.

هذه القصة وغيرها توضح مدى التأثر الكبير لأفراد هذا الجيل وانغماسهم الكامل في العوالم الافتراضية، والتواصل مع أقرانهم بكل الفئات ومن كل الدول عبر منصات الألعاب وغيرها، ويشكل الخيال لديهم واقعاً يصعب فصلهم عنه، كما أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فالتقنيات الحديثة كتقنية (الميتا فيرس) تبشر بالمزيد من التفاعل والانغماس الوجداني والثقافي.

هذا الجيل وبسبب وجوده في هذا الخضم الهائل من التقنية والتي يسهل الوصول إليها تكرَّست الانعزالية لديهم، ونشأت مشكلة كبيرة تتمثل في انحصار التفكير لديهم في قضاء الوقت في العالم الافتراضي، ما أدى إلى بطء كبير في تعلمهم واكتسابهم للمهارات الاجتماعية، وحبهم أكثر فأكثر للعيش خلف أبواب مغلقة، بل يصف بعض المفكرين ما يحصل معهم بالرق الإلكتروني الذي يأسرهم، ويجعلهم فريسة في كثير من الأحيان للمنحرفين الذين يوجهونهم توجهات شديدة الغرابة، ولا يُحمد عقباها، والأخبار تنقل دوماً الكثير من القصص المؤلمة الناتجة عن مسابقات مثل كتم الأنفاس وغيرها، والتي يمارسها الأطفال دون معرفة بخطرها على حياتهم.

الجيل (ألفا) وما بعده يحتاج إلى نظرة جديدة في التعامل معه، سواءً على المستوى الأسري، أو في مؤسسات التربية، ولا بد أن تتجه الدراسات والأبحاث التربوية والنفسية إلى إثراء المعرفة حول طرق التفكير لديهم، وما أنسب الإستراتيجيات التربوية والنفسية والتي تتواءم مع المتغيرات التي تعرضوا لها دون غيرهم.

وإلى أن يتعرف الناس على كيفية التعامل مع الجيل ألفا، سنحتاج إلى المزيد من المعرفة عن الجيل (بيتا وجاما).