كانت مواقع التواصل الاجتماعي شهدت بالأمس، تفاعلاً كبيراً مقروناً بحالة من الاستياء، عقب تداول مقاطع تظهر سحل إحدى الفتيات المقيمات في دار التربية الاجتماعية بمحافظة خميس مشيط، فضلا عن صفعها على الوجه وطرحها أرضا، وهو ما قابلته إمارة عسير ببيان حازم وجه فيه أمير المنطقة تركي بن طلال، بتشكيل لجنة للوقوف على الحادثة، والتحقيق مع كافة الأطراف، وإحالة القضية إلى جهات الاختصاص، فيما أكدت مصادر لـ«الوطن» على أن أزمة دور التربية الاجتماعية تكمن في 4 عناصر رئيسية تستدعي النظر فيها بشكل عاجل، تفاديا لوقوع حالات عنف أخرى.

أزمة الدور

تكمن أزمة دور التربية الاجتماعية، وفقاً للمصادر في 4 عناصر رئيسية، يتمثل الأول في قلة تأهيل الباحثين الاجتماعيين والنفسيين، وافتقارهم إلى الأدوات المهنية في التعامل مع سيكولوجية الأحداث ذكوراً وإناثا، سيما وأن غالبيتهم يعانون اضطرابات نفسية بفعل الظروف الضاغطة، فضلاً عن تكليفهم بأعمال إدارية لا تدخل في صميم أعمالهم، ومن ذلك الإشراف على استلام الإعاشة اليومية، وصرف الكسوة الصيفية والشتوية، وإعداد المخاطبات الإدارية، ويتمثل الثاني في تواضع الأنشطة التي في غالبيتها لا تتعدى لعبة كرة القدم، في حين تبقى الصالة الرياضية والمسبح والصالة الفنية مغلقة، أما العنصر الثالث فهو غياب الرعيل الأول الذي تخرج من تحت عباءته مئات الأبناء، بعد أن نالوا منهم الاحتواء والعاطفة والمعاملة الحسنة، وعن الرابع فهو الأشد مأساة ويكمن في عزل الأحداث، وذلك بتغريبهم من الدور التي نشأوا فيها وارتبطوا بها عاطفياً وبمن فيها من أقرناء إلى فروع أخرى، تحت دعاوى إثارتهم للمشاكل ومصادمة الأنظمة. سلوك منهي

عقب تداول الحادثة، طرح العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة «تويتر» تساؤلاً موجها للوزارة، مفاده كيف للجهة التي أوكل لها النظام وفقاً للمادة الرابعة والسادسة من نظام مكافحة الايذاء، أن تسمح بانتهاج ذات السلوك المنهي عنه نظاماً، في فروعها الإيوائية.

وصف صادم

أكد مصدر، أنه تظل «دور التربية الاجتماعية» عن غيرها من الفروع الأخرى «التوجية الاجتماعي»، «الملاحظة الاجتماعية»، تشكل تحديداً كبيراً للمسؤولين في الوزارة منذ سنين، ومن المفارقات، أن دور التوجيه الاجتماعي التي تعرف الوزارة نزلاءها عبر موقعها الرسمي إلى عهد قريب، بأنهم مارقون عن سلطة آبائهم، وفئات بدأت عليها بوادر الانحراف أو ساء توافقها مع المجتمع، وهو الوصف الذي يصادم حقيقة الحالات الموجودة في هذه الفروع، فغالبيتهم دون سن الـ15 هم ضحايا عنف وإيذاء وتفكك أسري وتشرد، إضافة إلى دور الملاحظة الاجتماعية التي تؤوي أحداثا جانحين، والتي من المفترض أن تكون مصدرا للاضطرابات، لم يسبق أن سجلت تجاوزات أو حالات تمرد وعصيان، في حين تظل دور التربية الاجتماعية حاضرة بقوة على المشهد، تعج بالكثير من الاضطرابات، وهو ما يطرح جملة من الاستفسارات عن جدوى البرامج الاجتماعية والنفسية داخل هذه الفروع.

تحرك الجهات

يشار إلى أن الجهات المختصة ذات العلاقة، تعمل بالاشتراك على معالجة كافة ما رصد من ملاحظات، حيث شكلت هيئة حقوق الإنسان فريقا لهذا الغرض، فيما أصدرت النيابة العامة بيانا يتضمن تصريح مصدر مسؤول، أكد فيه «أنه بناء على ما تم رصده من مركز الرصد النيابي من محتويات معلوماتية «مقاطع فيديو» تتضمن حادثة داخل دار التربية الاجتماعية بمحافظة خميس مشيط بمنطقة عسير، فقد باشرت النيابة المختصة في وقت مبكر واقعة إتلاف المال العام في دار التربية الاجتماعية بمحافظة خميس مشيط، والقضية ما زالت قيد إجراءات التحقيق، كما صرح بأنه على ضوء انتشار المحتوى المعلوماتي في وسائل التواصل الاجتماعي، باشرت نيابة الجرائم المعلوماتية تحقيقاتها في المحتويات المتداولة، مشددا على حرمة إيذاء المقبوض عليه جسدياً أو معنويّاً، وحظر معاملته معاملة مهينة للكرامة، مؤكدًا في الوقت ذاته على حماية المال العام من الجناية والاعتداء، وأن النيابة العامة ماضية في مباشرة إجراءاتها القضائية، لحماية المجتمع وحفظ المال العام، ودورها العدلي في رعاية الضمانات المقررة للموقوفين».