أثناء مرورنا اليومي على مواقع التواصل الاجتماعي بمنصاته المختلفة نقرأ كثيرًا، ونسمع عن «تم القبض» من أجهزة الدولة الأمنية على من يخالف القانون أو يستخدم هذه المنصات بما يستوجب مساءلته، ومع ذلك، ورغم كل الجهود المبذولة لتنظيف المجتمع من حشرات منصات الإعلام الجديد.. إلا أن مسلسل التجاوزات في ازدياد..!

السيطرة على ساحات العالم الافتراضي بمدنه الرقمية صعب جدًا، فالحابل يختلط بالنابل، والغث يجاور السليم.. والخطأ والصواب ينصهران في إناء منصات التواصل، فلا تعد هناك وسيلة لتفنيده إلا من خلال الوعي بما هو سلبي وما هو إيجابي، أو بتدخل الجهات المسؤولة عندما يتعدى الأمر الحرية الشخصية إلى ما يخالف القانون.

مرتادو منابر التواصل، وصانعو محتوى التفاهة، ومتسلقو قمم الشهرة على سلالم من فراغ، يجودون في الخروج عن المألوف الاجتماعي، إما باللفظ أو اللبس أو إيذاء الغير، سواء من بشر أو ممتلكات عامة أو حيوانات أو غير ذلك مما يخرج عن إطار المقبول، وطبعًا هنا الجهات المسؤولة مشكورة دائمًا تقف لهم بالمرصاد.

ولكن.. مؤخرًا بدأت تنتشر مقاطع كثيرة تحمل أفكارًا مشوهة متشددة، لا تمت بصلة للوسطية التي نعمل على العودة لجوهرها المشرق، مقاطع جعلت من المرأة محتوى لها، وللأسف الوصاية على النساء حتى من خارج دائرة المحارم التي لا يستطيع البعض التصديق بأنها ما عادت كما كانت، جعلتهم مستمرين بقياس عفة المرأة وحشمتها بميزان ثقافة نابعة من بيئة فكرية واجتماعية خاصة، ليس لها أي علاقة بالقاعدة الشرعية، أفكار عفنة تُحمل قيادة المرأة وتمكينها وإعادة الأمور إلى نصابها كحقوق أقرتها الدولة مسؤولية تخلي المرأة عن العفاف والحشمة، وما إلى ذلك من قيود من المفروض أنها مما يستوجب المحاسبة لأنها تعارض قوانين شرعت للمرأة تحميها من السب والقذف والتلميح والتصريح بما يخدش كرامة المرأة واحترامها وحقوقها.

ما يجب أن يدركه هؤلاء أن المرأة ليست وحدها المسؤولة عن عفة المجتمع، فالرجل أيضا مطالب بغض البصر الذي لن يأتي إلا من اقتناعه أن المرأة خلقت لتكون إنسانًا فاعلا في المجتمعات البشرية، لها ما على الرجل وعليها ما عليه من حقوق وواجبات.. وأنها لم تخلق من أجل إمتاعه وإشباع غريزته وتربية أولاده فقط، لذلك وجب عليه احترامها وكف أذاه عنها في الحياة الواقعية والافتراضية.. وعليه أيضا أن يجنبها أذى إثبات مراجله بالحلف بطلاقها على أتفه الأمور، فمقاطع «علي الطلاق من – نسواني -» من أجل هدية مقدمة أو وليمة معدة لضيف ما فيها إهدار لكرامة زوجة وأم يجب أن يكون لها كامل الاحترام.

أما التعدد والمباهاة به والانتقاص ممن لا يمارسه فهو من وجهة نظري مصيبة من المصائب التي ترتكب بحق النساء، وطبعًا حتى لا يفهم كلامي بشكل خاطئ.. فالتعدد مباح وهو حل مشروع لأسباب معينة وضحها الشرع.. ولكن أن يخرج إلينا عبر وسائل التواصل من يتباهى بزواجه من 52 زوجة وينتقص ممن لا يعدد.. فهذا تباه بالذكورة والغريزة على حساب كرامة المرأة واحترامها.. وفيه ظلم كبير لها بالنظر إليها كسلعة أو جارية يتمتع بها الرجل إلى أن يملها ثم يطلقها ليتزوج غيرها إلى أن يصل عدد نسائه إلى هذا العدد.

عفن الفكر المنتشر بوسائل التواصل وآثاره السلبية والمدمرة يحتاج منا إلى وقفة صارمة.. فأنتم وأنا وغيرنا أحرار في طرح ما نريد، على أن لا يكون طرحنا ذا أثر سيء على المتلقي، سواء بالتأثير أو بمحاولة تشويه سمعة مجتمع كامل خرج منه عاهات فردية تناقلت مقاطعهم من باب استظرفها دون وعي بخطر سمها على مجتمعه وعلى وطنه الذي يستغله الحاقدن المندسون بيننا وكأنهم منا، أو لمن ينتظر مثل هذه التجاوزات والعفن الفكري ليستغله في محاولات مستميتة لطمس معالم إنجازات الوطن وجهوده العظيمة، والتي يتمناها غيرنا في التمكين والحقوق والإنصاف والعدل الذي يسود مجتمعنا، ولكن للأسف جهل البعض يوصله إلى «الترند» في مستنقع وسائل التواصل ليصطاد من أراد من المحتوى العكر..!

وهنا يجب أن يكون لنا وقفة تعيد من يشذ عن طريق الصواب إلى جادة طريقه.. فنساء هذا الوطن وهذا المجتمع الآتي نلن شرف التقدير من الله سبحانه ثم من ولاة الأمر -حفظهم الله- جديرات بالتقدير والاحترام من رجاله.. وعملهن وإنجازاتهن وتلك البصمات الوضاءة في كل مجال وضعت المرأة السعودية إمضاءها عليه، وخاصة بعد التمكين هي الأجدى بالتناقل عبر منصات التواصل والإشادة بها من رجال مجتمعنا.. ونسائه.. أما غير ذلك من تباه بكمية النساء التي وردت على ذكر لإشباع غريزته.. أو اللمز الذي يشكك به صانع محتوى فارغ ويقيس به أخلاقياتها بناء على لبسها النقاب أو قيادتها لسيارتها.. فهذا من التعدي الذي نرجو أن ينال المسيء لنا كنساء فيه ما يستحق من مساءلة.