في الوقت الذي تكشف فيه الإحصائيات الرسمية عن زيادات مضطردة في معدلات الطلاق، حيث بيّن تقرير صادر من الهيئة العامة للإحصاء في المملكة أن حالات الطلاق للسكان السعوديين ارتفعت 13.8% في عام 2020 عنها في عام 2019، ووصلت إلى 3.64 حالات لكل 1000 من السكان السعوديين ممن يبلغون 15 عامًا فأكثر، اقترح الأخصائي الاجتماعي عبدالرحمن حسن جان حلا للتخفيف من حدة المشكلة وتقليل عدد حالات الطلاق، حيث رأى أن تكون هناك مدة تعارف بين الفتاة والشاب المقبلين على الزواج 6 أشهر مثلا، أو أي مدة تعارف كافية ومناسبة يتاح لهما خلالها التعرف على بعضهما قبل إجراء عقد النكاح، بحيث تكون المدة كفيلة بكشف عيوب وسلبيات كلا الطرفين لبعضهما بعضًا، شرط أن تنتفي الخلوة بينهما في كل أشكالها، بمعنى أن يكون اجتماعهما في حضرة أهل الفتاة المطلوبة للخطبة.

سوء الاختيار

أضاف جان، أن «السبب الرئيس وراء وقوع حالات الطلاق هو أن اختيار الزوجين لبعضهما بعضا لم يكن موفقا منذ البداية، ربما بسبب اختلاف توجهاتهما، لذا فإن منحهما فرصة تعارف قبل عقد الزواج مهم جدًا، لأنها تكشف مستوى التدين والعادات والتقاليد والميول ومستوى النضج ومدى تحمل المسؤولية والمستوى الفكري والعمري، والتوفيق بين الطرفين قدر المستطاع، فكلما كان الزوجان متوافقان في تلك الصفات كان الزواج ناجحا والعكس».

تسرع مزعج

أضاف جان «الواقع الحالي وفقًا للعادات والتقاليد يسير بأن تتم الخطوبة غالبًا بشكل سريع، وقد تكون مدتها بضعة أسابيع أو أقل، ومن ثم بعدها تتم كتابة عقد القران وما يتبعه من مستلزمات كالمهر والتجهيزات الأخرى كالسكن والأثاث والملبوسات وحجز قاعة الحفل، وأثناء تلك التكاليف والخسائر تحصل الخلافات والمشكلات بين المخطوبين لأي سبب، وقد تؤول إما إلى الطلاق أو المماطلة فيه أو الخلع، فتكون الخسائر مادية ومعنوية وتوصم المخطوبة بالمطلقة».

إحصاءات مريعة

تشير دراسات بحثية أجريت في الشرق الأوسط إلى انتشار حالات الطلاق بشكل واسع وارتفاع معدلاتها، ففي مصر مثلا ارتفعت حالات الطلاق في 2021 بمعدل 7.14% عن 2020، وفي السعودية بينت الدراسات وجود 7 حالات طلاق كل ساعة، بمعدل 162 حالة يوميا. وفي تونس تسجل 940 حالة طلاق شهريا، أي بمعدل 4 حالات كل 3 ساعات. وفي الجزائر ارتفعت حالات الطلاق إلى 64 ألف حالة سنويا، أي بمعدل حالة كل 12 دقيقة. وفي الأردن وصلت حالات الطلاق إلى 14 ألف حالة طلاق سنويا.

تراجع الرباط الأسري

يشدد جان على أن الأرقام التي تأتي بها الإحصائيات العربية الحديثة لعدد حالات الطلاق لها مؤشرات خطيرة على تراجع الرباط الأسري في المجتمعات العربية، ويقول «هذا المؤشر الخطر يجعلنا نتساءل ما أسباب ارتفاع معدلات الطلاق في السنوات الأخيرة بهذه الصورة الكبيرة، خصوصًا أن عددًا كبيرًا منها يقع في السنة الأولى من الزواج، وبينت بعض الدراسات أن النسبة الأكبر من حالات الطلاق كانت قبل الدخول والخلوة الشرعية».

أصل شرعي

من جهته، أفاد المحامي، المستشار القانوني الدكتور نايف بن صالح الخربوش أن «كلام وحديث الشاب مع الفتاة بقصد الزواج قبل الخطبة الرسمية أو في أثناء الخطبة الرسمية قبل عقد القران جائز، والأصل في الإسلام أنه يجوز عمل حوار بين النساء والرجال بشكل عام، وهذا لم يكن به أي شيء يتعارض مع الدين بشرط أن يكون محور الحديث شيء غير محرم، والكلام بين الرجل والمرأة في الإسلام يكون حرامًا إذا كان الحديث يدور حول شيء غير أخلاقي أو ضد تعاليم الدين، أو يحث على فعل المعاصي وارتكاب الذنوب، أو أن الطرفين يجلسان معًا في خلوة ومكان مغلق، فإذا كان أحدهما في وضع فتنة للآخر يكون اجتماعهما حرامًا، لذلك يكون الارتباط بين الرجل والمرأة حرام شرعًا ولا يجوز، إلا إذا كان الأهل على علم بذلك الأمر».

وأضاف «يمكن للمرأة أن تتحدث مع خطيبها قبل عقد القران، طالما أن هذا يحدث بكل عفة واحترام، وعلى الفتاة التي تلاحظ أن خطيبها بدأ يتكلم معها في تجاوزات أن تمنعه وتوقف الحديث معه، والدين الإسلامي لم يضع موعدًا محددًا للخطوبة أو مدة معينة لها، حيث إن الكلام في فترة الخطوبة يسمح للرجل أن يتقرب من الفتاة التي سوف يتزوجها، ويكون أكثر تفاهمًا معها، حتى يسهل التفكير وحل المشاكل بينهما أو تقليص إمكانية حدوثها، كما يجب على الفتاة أن تجلس مع خطيبها بشكل محتشم، وبالحجاب أثناء حديثها معه، لأنه ما زال غريبًا عنها، لا سيما الكلام العاطفي وحديث الحب غير مسموح به في فترة الخطوبة، لأن الخطوبة لا تعد سوى وعد بالزواج فقط».

الجانب القانوني

عن الجانب القانوني في مسألة التعارف وحديث الشاب مع الفتاة قبيل الخطبة أو أثناءها، يقول الخربوش «نظام الأحوال الشخصية الصادر بمرسوم ملكي رقم (م/73) وتاريخ 1443/8/6 للهجرة، وفي المواد من (5،4،3،2،1)، لم يتطرق إلى موضوع حديث الشاب مع الفتاة قبل أو أثناء الخطوبة، وبالتالي تطبق هنا القواعد العامة في جميع الأنظمة المعمول بها في المملكة».