نعيش في ظل تواصل اجتماعي، الجميع فيه يشارك مع متابعيه تفاصيل يومه وأكله! بل ربما تفاصيل اللقمة التي سيأكلها، ولن تفوز الصورة بإعجاب المتابعين إلا إذا كانت مليئة بالفخر، والمؤسف أن يكون الفخر بكثرة الأكل المعروض، أو بالأصح

«تفاخر بالهدر الغذائي» ! كمؤشر لقلة الوعي.

لا نحتاج توعية في كيفية تصريف النعمة بعد ذلك الهدر، عن طريق تقديمها للحيوانات أو لمن يحتاجها، نحتاج أن ننشيء جيلا جديدا بوعي جديد، يكافح مشكلة الهدر الغذائي بقناعة وإيمان،

جيل يستحي أن ينتج صورة فيها هدر غذائي! لأن ذلك مؤشر على مستوى وعيه، جيل يعتبر المبالغة في تقديم الأكل للضيف ليس كرما، بقدر ما هو «سوء تصرف»، فالكرم يكون بقدر حاجة الضيف وليس بالمباهاة.

الهدر الغذائي ليس مخالفة لتعاليم ديننا وحسب، بل مظهر اجتماعي واقتصادي سلبي، لأن البناء الاجتماعي والاقتصادي في أي مجتمع مفطور على التوازن، والهدر يأتي على حساب آخرين، إما يكونون محرومين، أو يأتيهم الأكل عن طريق جمعيات خيرية.

الحكومة تدعم الخبز سنوياً بـ2 مليار ليبقى السعر متاحا للجميع، ولكن حسب الإحصاءات، الهدر في الخبز يعادل 912 مليون ريال، وهذه كارثة اقتصادية. ولو علمنا أن الهدر في الأرز يقارب مليارا و600 مليون، ما يعني أن الهدر في الأرز والخبز فقط يعادل رقما ضخما يقارب 2 مليار و600 مليون، هذا في الخبز والأرز فقط، فكيف في بقية الأطعمة والحلويات وما يحصل في المناسبات وغيرها ؟

مشكلة الهدر الغذائي أكبر مما نتخيل، لذا فاعتماد قوانين تعاقب من يتباهى بهدر النعمة أول الحل، لتوعية المجتمع وصناعة وعي جديد لجيل جديد بحلم جديد، فكما نجحت عقوبات ساهر في خفض حوادث السير، لعل عقوبات الهدر الغذائي تنجح في إنهاء هذه الظاهرة وتحفظ اقتصادنا، وتغير بعض العادات / التقاليد السلبية.