نحن نتشكل منذ الطفولة، فما تزرعه في عقل الطفل لرفع إدراكه؛ سيشكل شخصيته مستقبلًا، أما الطفل المُهمَل؛ ستختبره مشكلاته وظروف بيئته، منهم من يصنع مجدًا من ركام، ومنهم من يصبح جزءًا من هذا الركام، ولكن ما السر؟

أتذكر جيدًا الفيلم الكرتوني الصيني «صراع الجبابرة» المدبلج للغة العربية الفصحى، يتحدث «عن الصراعات الأهلية داخل الصين قديمًا حيث الأقوى يسحق الضعيف من أجل توسيع مستعمرته، وبذلك يتحكم بالبلاد. وبطل هذه القصة (ليو باي) وهو رجل يحاول أن يرجع الحكم لإمبراطورية هان مع صديقيه (كوان يو) و(جانج فاي)، وكلاهما عاهداه على تحقيق حلمه، ولكن (ليو باي) يواجه عقبات كثيرة، أولها عدم وجود الجيش القوي الذي يمكنه من تحقيق حلمه فيبدأ المتطوعون بالانضمام إليه حتى يشكل (ليو باي) قوه لا يستهان بها، ومن أشد خصومه هوتسو تسو (تساوتساو) وهو رجل ذو طموح لا محدود، فهو يريد السيطرة على كل البلاد بأي ثمن كان». أتذكر أن الأحداث أجمل من شرح الكاتب للقصة، وقد تأثرت جدًا بحجم الشجاعة الموجودة لدى جميع الأطراف، وأن الضعف ليس أصلًا خيارًا متاحًا، هذه المفاهيم تزرع نبتة الشجاعة في نفوس الأطفال، حتى وإن لم تُسق لفترة، سيأتي يوم ماطر وتروى هذه النبتة وتثمر، وهذا هو السر، إن الطفل المُهمَل قد تنقذه الثقافة والإعلام للقيام بدور الوالدين الغائبين، لتطوير مجتمع؛ طور أطفاله وهم سيكملون رحلة التطوير.

أعتقد أننا مهملون كثيرًا كمؤسسات ومنظمات بجودة المحتوى المتاح لجيل المستقبل، أيضًا مهملون بصحتهم النفسية، وهذا بناءً على الأرقام التي ذكرها الدكتور ياسر الصباغ في إحدى لقاءاته عن شح التخصص النفسي للأطفال كعدد، ولم يتكلم عن الجودة لأنها معضلة أخرى، إضافة إلى النمط الوظيفي الذي أصبح سارقا لوقت الموظف، فهل سيكون هناك وقت أيضا لأبنائه؟


ما أريد توضيحه هنا، لدينا جيل مستقبل مُهمَل، تتشكل شخصيته بناءً على اقتراحات التطبيقات التي بين يديه، ناهيك عن اضطراب الهوية الذي ستصنعه مصادر رئيسة في حياته: الحياة الواقعية والحياة الافتراضية.

أخيرا.. شباب المستقبل مُهمَل إعلاميًا وثقافيًا، لذا.. يحتاجون إلى قنوات متعددة من سبيس تون !