تعاني المملكة من الاحتياج الشديد إلى القابلات اللواتي يبلغ عددهن حاليًا 5995 قابلة بينهن 1728 سعودية بنسبة %28، فيما يصل الاحتياج الحقيقي الفعلي في المملكة إلى 11834 قابلة حسب عدد الولادات مقارنة بالمؤشر العالمي الذي يفترض أن يكون هناك قابلة لكل 29.5 حالة ولادة.

مهنة القبالة

عام 1440 أنشأت وزارة الصحة مبادرة إنشاء إدارة متخصصة لمهنة «القبالة» ضمن الهيكل التنظيمي للإدارة العامة لشؤون التمريض بحيث تكون إدارة مستقلة تعمل على وضع تنظيم مهني وتعليمي لمهنة القبالة، وفي العام الماضي أدرجت بعض الجامعات السعودية تخصص «القبالة» ضمن مرحلة البكالوريوس استجابة لمتطلبات سوق العمل.

وأشارت الدكتورة رؤى الطويلي مدير إدارة القبالة في وزارة الصحة، رئيس الجمعية السعودية للقبالة، استشاري قبالة إلى أن «هذا النقص يعرض حياة الملايين من النساء والأطفال إلى الخطر، وتشير تقارير إلى أن كثيرًا من النساء والأطفال حديثي الولادة يفقدون حياتهم فيما يعاني الملايين من اعتلال الصحة أو المرض لأن احتياجات النساء الحوامل ومهارات القابلات غير معترف بها أو لا تحظى بالأولوية ويمكن تفادي ذلك إذا ما قامت القابلات المختصات بمساعدة النساء قبل الولادة وخلالها وبعدها، فهن يسهمن في خفض خطر الوفاة أثناء الولادة».

مهنة قديمة

أوضحت فاطمة الزهراء عين الحياة أخصائية قبالة أن «القبالة من أقدم المهن في تاريخ البشرية، وهي مرتبطة بصحة المرأة من البلوغ إلى ما بعد انقطاع الطمث وفيها من الدعم الجسمي والنفسي بالعلم والمعرفة ما يسمح بمتابعة الحمل والتوليد ورعاية المواليد والإشراف على الرضاعة الطبيعية، فالقابلات قادرات على توفير %87 من احتياجات جميع النساء والمواليد الجدد، وقد ثبت أن وجود القابلة يقلل حالات الولادة قبل الأوان بنسبة %24».

نقص في الوعي

تشدد الدكتورة الطويلي على أن «هناك نقصا في وعي الأسر السعودية بضرورة وجود القابلة ودورها».

فيما تعلق الأخصائية فاطمة الزهراء على أن دور القابلة أساسي على مر العصور، وقد تم تطبيب صحة المرأة مؤخرًا مما خلق تشويشًا على المجتمع وأقرن دور القابلة العصرية ذات الكفاءة العالية بالقابلات غير المتدربات مما جعل النساء يجرين لمتابعة حملهن مع أخصائيين واستشاريين في النساء والولادة لتعد ولاداتهن كمرض يُتعامل معه في السرير وعلى التخطيط ودون مبرر طبي. لكن الآن مع صحوة المجتمع والوعي أصبحت الأمهات واعيات لأجسامهن وأصبحن يتعاملن مع التغييرات على أنها طبيعية فيزيولوجية وليست مرضًا للجوء إلى طبيب مما زاد إقبالهن على خدمات القابلة.

فوارق التخصص

توضح الدكتورة الطويلي الفوارق بين القابلة والممرضة، وتقول «الممرضة هي ممارسة صحية ولها نطاق ممارسة ومنهج دراسي مختلف عن القابلة، فهي الشخص المسؤول عن الرعاية التمريضة في مختلف مراحل تواجد المرضى، والحائزة على شهادة التمريض بعد دراسة التمريض، وهي مؤهلة ومجازة لممارسة مهنة التمريض إضافة إلى قدرتها على العمل كعضو في فريق طبي».

وتكمل «تعمل الممرضات مع مختلف المرضى والأمراض».

ومن جانبها تقول الأخصائية فاطمة الزهراء «تتخصص القابلة في صحة المرأة وتعمل باستقلالية عن الطبيب، فلديها من التمكن ما يتيح لها صرف بعض الأدوية وعلاج حالات معينة وتركيب موانع الحمل والتوليد وخياطة العجان وما إلى ذلك من مهارات وكفاءات تكتسبها من نظام تدريس القبالة، وهذا لا يدخل نظام تعليم الممرضات».

تأهيل علمي

تؤكد الدكتورة الطويلي أن «القابلة ممارسة صحية مؤهلة علميا ومرخص لها متابعة حالات الحمل منخفض المخاطر والولادة الطبيعية والنفاس، إضافة لرعاية الولدان وحتى 8 أسابيع من الولادة، بما فيها مساعدة الأم في الرضاعة الطبيعية، كما تقدم القابلة الرعاية الصحية الأولية للمرأة والرعاية المتعلقة بالصحة الإنجابية والاختبارات السنوية لأمراض النساء، وتنظيم الأسرة، ورعاية ما بعد انقطاع الطمث (سن اليأس)، كما تمارس القابلة عملها في أي مكان بما فيها المنزل والمستشفيات والعيادات والوحدات الصحية، وهي تقدم الدعم والرعاية والمشورة خلال فترة الحمل، وأثناء الـــولادة وبعدها، كما تقوم بالتوليد على مسئوليتها وتقدم الرعاية للمولود، كما تشمل رعايتها اتخاذ التدابير الوقائية، وتعزيز الولادة الطبيعية، والكشف عن المضاعفات التي قد تتعرض لها الأم والطفل وغيرها من الأمور الخاصة بالمرأة والمولود».

وتبين الأخصائية فاطمة الزهراء أن القابلة يكفيها أن تنهي البرنامج التعليمي المعتمد في الدولة التي تقيم فيها، والمبني على المتطلّبات الأساسيّة التي يحدّدها الاتحاد العالمي للقابلات لأعمال القبالة بنجاح، وفي إطار المعايير العالمية للاتحاد الخاصة بتعليم القبالة، والتي اكتسبت المواصفات المطلوبة للتسجيل أو الترخيص النظامي للعمل في القبالة، وأظهرت المهارة في هذا العمل، واستحقت لقب القابلة.

عيادات متخصصة

تجزم الدكتورة الطويلي أن عدد العيادات المتخصصة بالقبالة في السعودية 3 فقط، 2 منها تابعتين لوزارة الصحة، وواحدة خاصة، وقال «نريد تفعيل عيادات القبالة في جميع المراكز الصحية الأولية التابعة لوزارة الصحة، مع وضع معايير لعيادات القبالة وتدريب القابلات لتفعيلها».

وعن دور الجمعية السعودية للقبالة والهدف من إنشائها، قالت «تأسست الجمعية بقرار موافقة مجلس الأمناء في الهيئة السعودية للتخصصات الصحية في 11 مارس 2021، وهي منظمة غير ربحية، علمية مهنية، تأسست كأول جمعية علمية مهنية خاصة بالقبالة في المملكة تحت مظلة الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، وهي الممثل الرسمي للقابلات في المملكة لدى الاتحاد الدولي للقابلات».

وتعد هذه الجمعية امتدادًا لمجموعة القبالة السعودية التي تأسست في أغسطس 2015 تحت مظله الجمعية السعودية لأمراض النساء والولادة.

ولدى الجمعية رسالة مهمة تتمثل في تعزيز القابلات والنهوض بالمهنة لتحسين الصحة الإنجابية للمرأة والمواليد والأسر.