يطلق مفهوم ريادة الأعمال على تطوير وإدارة المشاريع التجارية لغرض تحقيق الأرباح وذلك عبر المرور بالمخاطرة والمجازفة برأس المال، ومما لا شك فيه أن هناك آثارا إيجابية لتطوير بيئة ريادة الأعمال بالدول ومنها تنمية الاقتصادات المحلية، وتوفير فرص عمل وتعزيز الابتكار والتطور.

والجدير بالذكر أن السعودية قد حققت مركزا متقدما في قائمة أفضل الدول لريادة الأعمال، إذ احتلت المركز الرابع عالمياً والأول بين دول العشرين، ويأتي هذا النجاح بعد الجهود الحثيثة التي تبذلها السعودية لتوفير بيئة أعمال مناسبة بحسب التقرير الصادر عن المرصد العالمي لريادة الأعمال.

وكشف التقرير عن تصدر مكة المكرمة بنسبة 38.3 %في معدلات مناطق ريادة الأعمال الأعلى في السعودية، وتلتها جدة بنسبة %20 ثم الرياض بنسبة 17.5%، والمدينة بنسبة 17.4%، والدمام بنسبة13.9 %.

ولم تحقق السعودية هذا المركز العالمي من فراغ بل نتيجة لعدة مبادرات ومن أهمها إنشاء كلية الأمير محمد بن سلمان للإدارة وريادة الأعمال التي تأسست لتتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030 في إنشاء وتطوير منظومة بيئية لريادة الأعمال داخل السعودية، وإنشاء صناديق وشركات لدعم تمويل هذه الأفكار الريادية.

ويعتبر إيجاد صناديق تمويل لمشاريع رواد الأعمال هو أحد أهم الممكنات التي تساهم بشكل كبير في خروج تلك الأفكار والمشاريع إلى النجاح وعدم التعثر المبكر بسبب نقص التمويل.

وأطلقت السعودية الشركة السعودية للاستثمار الجريء، ونتيجة لهذا الدعم الكبير فقد شهد عام 2022 تنفيذ استثمارات بقيمة قياسية بلغت 3.701 مليارات ريال (987 مليون دولار) في شركات ناشئة سعودية، محققاً نمواً بنسبة 72 %مقارنة بعام 2021، وحققت أعلى نسبة نمو للاستثمار الجريء في عام 2022 مقارنة بالدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ومن الخطوات الإيجابية قيام البنك المركزي السعودي بالترخيص لعدد من شركات التقنية المالية العاملة في نشاط التمويل الجماعي بالدين، ناهيك عن استحداث بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ومما لا شك فيه أن وجود صناديق وشركات مالية وبنوك تسهل سد الفجوة التمويلية سوف يساعد في تحقيق الاستقرار المالي لقطاع ريادة الأعمال ليكون ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية في المملكة العربية السعودية وممكّناً لتحقيق رؤية 2030.

لقد كانت تجربة (سيلكون فالي) تجربة ملهمة في تاريخ البشرية في (ريادة الأعمال)، أنتجت كبريات الشركات العالمية، ولا أعتقد أنه من الصعوبة تطوير تلك التجربة بـ(نكهة سعودية)، وخاصة أن لدينا العقول والشغف والمال والقيادة الحكيمة وصدق الفرزدق حين قال:

إِن الذي سمك السماء بنى لنا

بيتاً دعائمه أعز وأطول

بيتاً بناه لنا المليك وما بنى

حكم السماء فإنه لا ينقل