يضع العالم يديه على قلبه متخوفا من العودة إلى الإغلاق من جديد، ولكن هذه المرة متأثرا بتفشي فيروس «ماربورغ» الذي ينتمي إلى عائلة «إيبولا»، خصوصاً أن بعض الدول باتت توصي مواطنيها بعدم السفر إلى بلدان إفريقية عدة، من بينها تنزانيا وغينيا الاستوائية اللتين أعلنتا عن رصد تفشيات للمرض القاتل.

وعُرف الفيروس في ستينيات القرن العشرين، لكن انتشاره في دول عدة أخيراً جعله خطراً يهدد بجائحة عالمية، لا سيما وأنه يتسبب في وفاة غالبية المصابين به.

ونصحت الجهات المتخصصة في السعودية وعمان والكويت والإمارات والبحرين مواطنيها بعدم السفر إلى البلدين الإفريقيين حتى تتم السيطرة على المرض.



عودة جديدة

عاد فيروس ماربورغ لينتشر أخيرا في غينيا، وانتقل منها إلى تنزانيا، ودعت منظمة الصحة العالمية إلى وقف التنقل عبر البلدين للحد من انتشاره.

ويموت 9 من كل 10 مصابين، وتنتقل العدوى به عبر الاختلاط مع إفرازات المصاب، وعبر نقل الدم، أو العلاقة الجنسية، كما أنّ العدوى تنتقل من الأم إلى الجنين.

أعراض متطورة

تبدأ أعراض الفيروس بارتفاع درجة الحرارة، ثم يتطور إلى نزف من الأذن أو العينين، أو الجهاز الهضمي، أو الجهاز التنفسي، وربما يتسبّب بالتهابات في القشرة الدماغية.

واكتشف فيروس ماربورغ لأول مرة عام 1967، في مدينتي ماربورغ وفرانكفورت الألمانيتين، وبلغراد اليوغسلافية، بعد تماس عمال مع أنسجة سعادين الهجرس في المجمعات الصناعية.

التفشي الأول

في يوليو 2022 أعلنت منظمة الصحة العالمية أول تفشٍّ لفيروس ماربورغ في غانا، بعد تأكيد إصابة حالتين، وفي 16 سبتمبر 2022، أعلنت وزارة الصحة في غانا، انتهاء فاشية الفيروس في البلاد بعد مرور 42 يوماً على اكتشاف آخر إصابة مؤكدة في 5 أغسطس 2022، وهي ضعف الفترة القصوى لحضانة عدوى ماربورغ، حسب الصحة العالمية.

في 29 مارس الماضي، قالت منظمة الصحة العالمية، إنها على علم بوجود إصابات إضافية بفيروس ماربورغ في غينيا الاستوائية، وحثت حكومة البلاد على الإبلاغ عنها بشكل رسمي. وقالت المنظمة «عدد الحالات المسجلة رسمياً 9 حالات، مع 7 وفيات في 3 مقاطعات يفصل بينها 150 كلم»، ما يعني أن هناك تفش للفيروس، في تنزانيا أيضاً أبلغت السلطات عن 8 إصابات في منطقة واحدة، من بينها 5 وفيات.

في اليوم التالي، أعلن مسؤولون بوزارة الصحة في غينيا الاستوائية إصابة 13 شخصاً بفيروس ماربورغ منذ بداية انتشاره في البلاد، من بينهم 9 وفيات.

معدل مرتفع

يؤكد أطباء أن معدل وفيات الفيروس تصل إلى 88 %، لكنهم يرون أن انتشاره ليس سريعاً كما كان الحال مع كورونا، لكن ماربورغ أشد خطورة لأنّه لم يجر تطوير أي طريقة علاج أو لقاح له، ويرتفع خطر الوفاة عندما تتطوّر حالة المصاب إلى النزف.

وتمتد حضانة ماربورغ من 3 حتى 9 أيام، وعوارضه منها الحمى أو الصداع، ومن المهم عدم الاختلاط بالمصاب المعزول، إذ تنتقل العدوى من خلال الإفرازات مثل العرق واللعاب والدم، لكنه لا يحتاج إلى كمامة لأنه لا ينتقل بالهواء.



مخاوف محدودة

يؤكد الأطباء أن احتمالات انتشار ماربورغ في المنطقة العربية تبقى ضعيفة إلا مع قدوم مصاب من المناطق الموبوءة، أو مع استيراد الخضراوات والفواكه من المناطق الموبوءة، ما يستدعي غسلها وتعقيمها.

الجد إيبولا

ينتمي فيروس ماربورغ إلى عائلة «إيبولا» حسب الصحة العالمية، ولا تنتقل العدوى به من المصابين به إلى الآخرين إلا بعد ظهور الأعراض عليهم، ويمكن انتقالها عن طريق الدم، أو سوائل الجسم، أو الأشياء الملوثة مثل الأغطية أو الملابس أو الإبر، أو لدى رعاية الأسرة لفردها المصاب.

وتتضمن الأعراض كذلك الحمى والصداع وآلام في المفاصل والعضلات، ولاحقا الغثيان والقيء والإسهال الذي قد يكون دموياً، واحمرار العين، والطفح الجلدي، وآلام في الصدر، وسعال، والتهاب الحلق، وألم بالمعدة، ونقص الوزن الشديد.

صعوبة تمييز

نبهت الصحة العالمية من الصعوبة في المرحلة المبكرة للإصابة إلى التمييز بواسطة التشخيص السريري بين الإصابة بالفيروس وغيره من الأمراض، لتشابه الأعراض السريرية مع حالات الحمى النزفية الفيروسية، وحمى فيروس إيبولا، والملاريا، والتيفوئيد.

لا أدوية

تكمن خطورة ماربورغ كذلك في عدم وجود لقاحات أو علاجات معتمدة له، ولذا ركزت منظمة الصحة العالمية على مجموعة من تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها، مثل التعرف المبكر عبر الفحص والفرز، وعزل الحالات المشتبه في إصابتها.

تدابير وقائية من العدوى

ـ التعرف المبكر عبر الفحص والفرز

ـ توفير البنية التحتية والموارد البشرية المناسبة للعزل

ـ حصول العاملين في الرعاية الصحية على مواد النظافة ومعدات الحماية الشخصية

ـ الممارسات الآمنة للحقْن

ـ اعتماد الإبر ذات الاستخدام الواحد

ـ الإدارة المناسبة للنفايات المعدية

ـ تعزيز أنشطة الترصد والاستجابة المتكاملة للأمراض