نواجه دائماً في حياتنا خيار الحل الصعب، لأن الآخر أصعب، يحدث ذلك عند اتخاذ القرارات الشخصية، التي تقودها العاطفة إلى حدٍ كبير، لأننا بشر ولسنا آلات، ولا فرق بين الرجل والمرأة في هذا الصراع الذاتي، كلنا نعيش الحيرة نفسها، ولكن يختلف الناس بطريقة التعبير عنها من عدمه، هذا يعتمد على السمات الشخصية للفرد، وقد يكون داخل مجتمع يملك سلطة فكرية ثقافية، تشكّل شخصيات أفراده بناءً على جنسهم، أو عرقهم أو مستواهم المادي، فتتأثر شخصيته بذلك.

من ملاحظتي - على نفسي وعلى من أقابلهم، بمختلف المستويات والأسباب العملية والفكرية والثقافية والاجتماعية - يتبين لي أن ثم علاقة عكسية بين العاطفة والنجاح، وأعتقد جداً أنها موضوعٌ بحثيٌّ مهمٌ في علم النفس وللمهتمين به، فكلما زادت العاطفة قلت فرص النجاح، وإذا قلّت العاطفة، زادت فرص النجاح.

بتحليل بسيط تجد أن العاطفة تعتمد على الرغبة، والرغبة هي نتاج الحاجة، والحاجة نتيجة نقص في عناصر حياتنا الأساسية، بغض النظر عن مسبباتها، والنقص خلل بحد ذاته، لذا تجد العاطفة الأكبر في صناعة القرارات، لأنها أصلاً لا تعتمد على المنطق، وإنما على الحاجة.

القرارات الخالية من المشاعر لا تصلح إلا لمحركات الأجهزة الإلكترونية، أنسنة القرارات والقوانين والإجراءات مهمة، حتى لا نفقد إنسانيتنا ونتحوّل إلى كائنات أكثر وحشية من الحيوانات المفترسة، فصناعة القرار تبدأ بالعقل لأنه أساس المنطق، ومن ثمّ يتحوّل إلى مراجعة عاطفية لتطبيقه بطريقة إنسانية.

ماذا لو تعارضا تماماً؟

يرجّح العقل والمنطق لا جدال، والعاطفة يمكن استخدام حزنها في الانطلاق، والتميّز وصناعة نقاط التحول الجذرية، التي تحتاج لغضب كبير جداً، لا يمكن شراؤه، بحزن العاطفة سيطبق قرار العقل بكل قوة وشجاعة، لإثبات أنه كان صحيحاً في تبعاته الأخرى، هنا يكون «تهذيب» العاطفة المختّلة بأوضح صورها، ومع الوقت سيتقارب القطبان، العقل والعاطفة، فيصبح اتخاذ القرارات أسهل و أكثر وضوحاً.

أخيراً.. بمبالغة مجازية، إذا أردت النجاح، ادفن قلبك حياً، وسيُبعثُ ولو بعد حين.