تظهر على مواقع التواصل الاجتماعي حسابات كثيرة بطرق مختلفة تعلن عن تقديم خدمات ظاهرها الترفيه وباطنها خدمات سوداء، وبعضها يعلن بشكل مباشر عن خدمات تنسيق سهرات ماجنة وتدليك يدوي بنهايات سعيدة، وتضع لها أرقاما محلية للتواصل، مع أن مستقبلي المكالمات غالبا ليسوا في السعودية.

ولأن هذه الحسابات قد تؤدي إلى التغرير ببعض الأشخاص وربما استدراجهم للسلب أو الابتزاز أو الخداع في أبسط الأحوال تعقبت «الوطن» عددًا من الحسابات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، واتصلت بالأرقام المعلنة في هذه الحسابات، وفي إحدى الاتصالات ردت سيدة من جنسية عربية، تحتفظ الصحيفة بتسجيلات صوتية لها، رحبت بترتيب لقاء بين طرفين في أي مدينة سعودية.

وطلبت السيدة صورا للفتاة لعرضها على الزبون، وترتيب موعد بينهما، على أن تختار الفتاة الفندق الذي تريده للقاء، ويقوم الزبون بالحجز والسداد.

وحول الأسعار، قالت إن سعر خدمة التدليك مع النهاية المحرمة 1500 ريال، و1000 ريال للتدليك اليدوي ذي النهاية السعيدة (بحسب تعبيرها). واشترطت الحصول على نصف المبلغ، إذا كان المبلغ مرتفعا ويتم تحويله عبر حساب بنكي، أو الحصول على رصيد شحن جوال، إن كان منخفضا.

يجدر بالذكر أن مثل هذه الحسابات قد تكون تدار من قبل أشخاص من خارج السعودية، تستخدم طريقة تحويل ظهور رقمها الدولي إلى محلي، من أجل إيهام المتصل أنها مقيمة في المملكة.

الأمن السيبراني

يكشف المستشار في الأمن السيبراني والتحقيق الجنائي الرقمي الدكتور فهد حسن الدوسري، أن هذه الحسابات في الغالب تكون وراءها شركات أو مؤسسات وليس أفرادا. كما أنها لا تخالف أنظمة منصات التواصل الاجتماعي، فحسب سياسة المواقع هي مصدر ربحي، إنما في حال تم الإبلاغ عن خرق أو سوء استخدام، فهنا يتم إيقافها، ولكن هذه الحسابات تمتلك نسخا احتياطية عديدة فحتى لو تم إلغاء الحساب، تكون هناك حسابات أخرى بديلة.

ويضيف «في الواقع إن مجتمعاتنا المحافظة تعتبر هذه المنصات محرمة، بينما لا تعتبرها كذلك بعض المواقع في الخارج، وينظرون إليها أنها مصدر يحقق عوائد ربحية مجزية».

ويضيف الدوسري أنه في حال تم رفع شكوى على هذه الحسابات، يقوم الأمن بالتعرف على صاحب الحساب، والقبض عليه، شريطة أن يكون المدعى عليه موجودا في المملكة، حيث تندرج هذه الدعوى ضمن الجرائم المعلوماتية الإلكترونية، إنما في العادة تظهر هذه المواقع أرقام اتصالات محلية بينما هي خارجية، وهذه طريقة تحويل رقمية متوفرة على الإنترنت، ويقوم المتصل بسداد قيمة المكالمة بالتعريفة المحلية، بينما يسدد المستقبل قيمة مكالمة دولية.

التوهم المرضي

يوضح الاستشاري النفسي الدكتور علي الزائري، أن الدافع وراء البحث عن هذه الحسابات والتواصل معها من قبل بعض الشباب يرجع إلى الغرائز غير الموجهة إلى اتجاهات صحيحة، ومعظمهم في العشرينات من العمر وغير محصنين.

ويضيف، إن هناك سمات عامة تجتمع عادة في هؤلاء الشباب، فيقول «بعض الشباب يكون لديه غريزة عالية مع نضج عقلي محدود أو غير مكتمل، وليس لديه القدرة على الزواج، وكذلك لا يعي عواقب مثل هذه الأمور مثل الإصابة بالأمراض والتعرض إلى مشاكل أخلاقية قد تحدث.

ويتابع أن البعض يتجه إلى هذه الحسابات من باب الفضول أو حب الاستكشاف، والبعض الآخر يكون خارجا من علاقة عاطفية فاشلة أو ضحية زواج فاشل، أو أنه لا يزال يعيش حياة زوجية غير سعيدة. ويعاني بعض الشباب من هؤلاء من عدم اهتمام الزوجات بهم عاطفيا وتقصيرهن في تقديم علاقة حميمية تلبي احتياجاتهم مما يؤدي إلى انجراف الأزواج وراء علاقات محرمة ذات عواقب سيئة».

ويكشف الزائري، عن إصابة العديد من الشباب باضطرابات مرضية أهمها التوهم المرضي، حيث يعيش الشاب في شكوك مرضية حول احتمال إصابته بمرض الزهري أو نقص المناعة المكتسب، وبالتالي يعاني من الخوف والكآبة، ويستنزف أمواله في العيادات الطبية جراء الخضوع للفحوصات والتحاليل من أجل التأكد من عدم إصابته بهذه الأمراض والاطمئنان نفسيا.

ويستطرد الزائري أن هؤلاء الشباب يتمتعون بالوازع الديني، فيعانون من الندم الشديد. وبعضهم يقرر العزوف عن الزواج خوفا من انتقال العدوى إلى شريكات الحياة، أو خشية اكتشاف الأمر أمامهن من خلال ظهور تغييرات نفسية أو جسدية.

الخداع المالي

ويبين الزائري، أن هذه الجهات التي تتواجد في الخارج دائما ما تمارس الخداع المالي والنصب على الزبون. وفي هذا الدور، دائما ما يتوفر التدخين والمواد المحظورة حتى يتم بها السيطرة على الزبائن وضمان رجوعهم، من خلال تشجيعهم على تناول المسكرات، أو وضع نقاط من المواد المحظورة في المشروبات، مما يؤدي إلى ضعف الزبون وإدخاله في عالم الإدمان الذي يصعب الخروج منه، وبذلك يسهل تسخيره إلى تحقيق أهدافها الدنيئة.

العزلة الاجتماعية

يوضح الزائري، أن الشخص بعد أن يقع في علاقة محرمة وتأتي نتيجة فحوصاته سليمة، ويطمئن على خلوه من أي أمراض، قد يتجه إلى العيادات النفسية يشكو من القلق والاكتئاب. وهذه الفئة يتم تشخيصها باضطراب التوهم المرضي الذي تتراوح درجة الإصابة به من متوسطة إلى شديدة.

يقول الزائري، إن هذا الاضطراب يرفع معدل الشعور بالوحدة والعزلة ويهرب المصاب به من اللقاءات الأسرية ويغيب عن المناسبات الاجتماعية لأنه يشعر بالخوف من اكتشاف أمره. وقد يشك أنه تعرض إلى السحر بواسطة السائل المنوي بعد قيامه بعلاقة محرمة، وبالتالي يصاب بمرض paranoia وهو جنون الارتياب.

النظام واللائحة

يوضح المحامي والمستشار القانوني معتز طلعت ناقرو أنه «يعد ارتكاب أفعال القوادة أو إعداد أماكن للدعارة من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف. وفي حال الترويج لتلك الجرائم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، فيعد ذلك من الجرائم المعلوماتية، وقد وضع المنظم السعودي لتلك الجرائم عقوبات صارمة في نظام مكافحة جرائم المعلوماتية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (17) وتاريخ 1428/03/08هـ حيث نصت المادة (السادسة) من النظام المذكور على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص يرتكب أيا من الجرائم المعلوماتية وهي إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام أو القيم الدينية أو الآداب العامة أو إعداده أو إرساله أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي أو إنشاء موقع على الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي أو نشره للإتجار في الجنس البشري أو تسهيل التعامل به أو إنشاء المواد والبيانات المتعلقة بالشبكات الإباحية».

ويضيف ناقرو «يجوز تضمين الحكم الصادر بتحديد العقوبة النص على نشر ملخصه على نفقة المحكوم عليه في صحيفة أو أكثر من الصحف المحلية أو في أي وسيلة أخرى مناسبة، وذلك بحسب نوع الجريمة المرتكبة، وجسامتها وتأثيرها على أن يكون النشر بعد اكتساب الحكم الصفة النهائية. وفي حال كان مرتكب الجريمة مقيم غير سعودي فيتم إبعاده من البلاد بعد إتمام العقوبة».