لم يسبق أن عاش سكان قطاع غزة في تاريخهم تجربة مروعة كتلك التي يواجهونها منذ نحو 4 أسابيع في ظل قصف كثيف تشنه إسرائيل.

وفي خضم وابل من الغارات التى لا تنتهي وإلى جانب محاولة النجاة، يبقي طلب إشعار حياة الهاجس الأكبر للسكان لأحبائهم وأقاربهم ممن تقطعت بهم السبل ونزحوا إلى مناطق مختلفة.

وما أن ينجلي الظلام ويبدأ يوم جديد في قطاع غزة حتى يهرع الفلسطينيون وبعض الصحفيين لشحن هواتفهم وبطارياتهم في ظل انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل عن القطاع.

وبين جلبة الاحتياجات وهدير طائرات المراقبة، يتدفق الكثير من السكان إلى مستشفى ناصر الحكومي وسط خان يونس، حيث يفترشون الأرض بهواتفهم وبطارياتهم وسط شبكة من الأسلاك العشوائية قرب أحد المداخل غير الرئيسة للمستشفى وسط أجواء من الفوضى العارمة.

وفي الجهة الأخرى من المستشفى يتواجد صحفيون وموظفون حكوميون من أجل شحن هواتفهم وبطارياتهم من أجل مواكبة نقل أحداث الهجوم الإسرائيلي المتواصل للأسبوع الثالث.

انقطاع التيار

تقدم بعض المساجد والمنازل ومراكز الإيواء التي تديرها الأمم المتحدة في غزة نفس الخدمات لكن بصورة أقل في ظل نفاد مخزون الوقود لديها وضعف إنتاج ألواح الطاقة الشمسية للتيار الكهربائي.

ودمرت الهجمات الإسرائيلية كثيرًا من الأحياء التي كان يعتمد سكانها على الطاقة الشمسية وسوتها بالأرض عقب اندلاع القتال الأوسع على الإطلاق مع حركة حماس والفصائل الفلسطينية المسلحة في 7 أكتوبر الماضي.

ويقطع جلال أبا محسن (48 عامًا) مسافة 3 كلم على قدميه يومي؟ا، من أجل شحن هواتف عائلته الخمسة، وبطاريتين سعة كل واحدة 18 وات من أجل توفير الإضاءة داخل منزله التي هشمت بعض نوافذه بفعل القصف الإسرائيلي.

يقول أبو محسن الذي يسكن في خان يونس جنوب قطاع غزة «كل يوم على نفس الحال اذهب إلى المستشفى ليس للعلاج لكن من أجل توفير مقومات صمود للعائلة».

ويضيف «أحيانًا القصف يكون قريبًا مني وفي بعض اللحظات أتمنى أن يصيبني ليخلصني من هذا الجحيم».

حصار مطبق

قطعت إسرائيل إمدادات الكهرباء والوقود عن قطاع، في إطار ما وصفته بأنه حصار مطبق ردًا على هجوم مباغت شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل.

وقتل في الهجوم حوالي 1400 إسرائيلي، كما اقتاد مسلحو حماس معهم 222 شخصًا كرهائن، بينهم أجانب وفق أرقام صادرة عن الجيش الإسرائيلي.

في المقابل استشهد أكثر من 8 آلاف فلسطيني في القصف والتوغل الذي مارسته إسرائيل في القطاع.

وتغرق معظم مناطق قطاع غزة في ظلام دامس، إثر توقفت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع بسبب نفاد مخزون الوقود، كما تراجعت الخدمات الحياتية الأساسية للمواطنين بشكل غير مسبوق.

ورهنت إسرائيل تزويد القطاع بالكهرباء والمشتقات البترولية بإفراج حماس عن الرهائن الإسرائيليين وهو ما ترفضه الحركة التي تسيطر على قطاع غزة منذ العام 2017.

تقنين ملحوظ

في بعض المدارس التي تحولت إلى مركز إيواء، يقوم المشرفون عليها بتشغيل مولدات كهربائية عند غروب الشمس لـ4 ساعات يوميًا من أجل ترتيب أوضاع النازحين وتمكينهم من شحن هواتفهم.

وعبر المذياع الذي كان يستخدم في الطابور الصباحي لترتيب الطلاب، يردد أحد من المسؤولين عن مركز إيواء وسط رفح نداءات للنازحين بضرورة التوجه إلى حمل أطفالهم إلى الغرف الدراسية قبل إطفاء المولد الخاص بإنهاء مركز الإيواء.

وقالت تهاني عبد الواحد من حي الشجاعية لكنها تقيم بمركز إيواء في رفح «أستطيع كل يوم شحن جوالي وأهل زوجي يطمئنون على عائلتي وأحيانًا أتلقى اتصالات من شقيقي المغترب».

وتعد الهواتف النقالة وسيلة الاتصال الأساسية في غزة في ظل انقطاع خدمات الإنترنت في مناطق واسعة في القطاع جراء استهداف البنية التحتية للشبكة وانقطاع التيار الكهربائي المتواصل.

أعطال كبيرة

قالت شركة مجموعة الاتصالات الفلسطينية التي تشغل الهاتف الثابت والإنترنت إلى جانب الهاتف الخلوي في بيان صحفي إن 35 % من المقاسم الطرفية لشبكة الهاتف الثابت والإنترنت المنزلي تعطلت، مما أثر على أكثر من 50 % من المشتركين.

وتقول منظمات إغاثية محلية إن الأوضاع تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، وأن حياة السكان معرضة للخطر الشديد في ظل استمرار حظر توريد مشتقات الوقود.

ويخشى الصحفي أحمد المصري أن يتوقف عن إرسال التقرير والقصص المتعلقة بأحداث الحرب لصحيفة عربية يعمل معها منذ 7 سنوات.

وقال المصري الذي كان بين عشرات الصحفيين في مستشفى ناصر «في الصباح أتواجد هنا حيث أشحن هاتفي والتقى مع الجرحى والعائلات المكلومة وأرسل عملي في المساء لكن يبدو أن على أن أبحث عن مكان جديد جراء تراجع خدمات الكهرباء والإنترنت».

وأعلنت وزارة الصحة في غزة «الانهيار التام» للمستشفيات جراء الحرب الإسرائيلية والحصار المشدد المفروض على القطاع.

وعند نفاد الوقود المستخدم في تشغيل المولدات التي تغذي المستشفيات بالتيار الكهربائي لن تتوفر هذه الخدمة في المستشفيات، وبالتالي سوف ينضم المزيد من الفلسطينيين إلى أقرانهم المعزولين في مناطق أخرى دون اتصالات وتواصل.

الحرب في غزة

دمرت البنى التحتية وأثرت على الطاقة

انقطاع للكهرباء وخدمات الإنترنت

فلسطينيون يلجأون للمستشفيات لشحن هواتفهم وطمأنة أقاربهم

35 % من المقاسم الطرفية لشبكة الاتصالات والانترنت خارج الخدمة

50 % من المشتركين بالاتصالات تأثروا بخروج المقاسم من الخدمة