كون قطاع الفضاء يمثل أهمية إستراتيجية، باعتباره الاقتصاد التريليوني العالمي القادم، والمحرك الأساسي لتحفيز الابتكار وإلهام الأجيال، وافق مجلس الوزراء على تنظيم المجلس الأعلى للفضاء.. ذلك المجلس الذي صدر قرار إنشائه في 01 نوفمبر 2022 برئاسة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، ليقوم باعتماد السياسات والإستراتيجيات لبرامج الفضاء، والموافقة على الخطط ومراقبة تنفيذ الإستراتيجيات، وكذلك تحقيق التوافق مع مختلف القطاعات والاحتياجات الوطنية.

البحث والابتكار

في ظلّ توجّه المملكة لمواكبة التقدم العلمي، تتسارع الخطوات نحو تحقيق رؤية المملكة 2030، الرامية إلى تنمية وتنويع قطاعات الاقتصاد السعودي، وضمان استدامتها بما يواكب مستهدفات هذه الرؤية الطموحة، لذا خطت المملكة خطوات واسعة نحو تنمية قطاع الفضاء السعودي، مع التركيز على تحفيز عمليات البحث والابتكار، وتحقيق الأهداف الوطنية المتعلقة بتطوير هذا القطاع الحيوي.

وعلى ضوء هذه المعطيات واكتسابًا للأهمية الإستراتيجية لقطاع الفضاء بصفته محرك رئيس للتقدم ومصدر للإلهام، أصدر مجلس الوزراء في 2022 عدة قرارات تمثلت في إنشاء المجلس الأعلى للفضاء برئاسة ولي العهد، وتعديل اسم «هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات» ليكون «هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية»، وتحويل الهيئة السعودية للفضاء إلى «وكالة الفضاء السعودية»، والموافقة على تنظيمها.

وتتولى وكالة الفضاء السعودية تنفيذ وتطوير وتوطين علوم وتقنيات الفضاء، ودعم الاستخدامات السلمية لصناعات الفضاء، إضافة إلى تبني الخبرات والمعارف المتصلة بالعلوم وبحوث الفضاء، بينما تقوم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية بالرقابة وتنظيم قطاع الفضاء، مع ضمان شفافية المنافسة العادلة

وتمكين منظومة الفضاء من تحقيق الأهداف الاستراتيجية، وتعزيز التعاون مع الجهات الحكومية والقطاعات الأخرى بما يدعم نمو وتطور القطاع.

تجارب علمية

في مساء الأحد 21 مايو 2023، أطلقت المملكة العربية السعودية، الرحلة العلمية المتجهة إلى محطة الفضاء الدولية (ISS) والتي حملت على متنها أول رائدة فضاء سعودية «ريانة برناوي» ورائد الفضاء «على القرني» من قاعدة كيب كانيفرال في ولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية.

وهدفت المهمة إلى إجراء تجارب علمية وبحثية رائدة تسهم نتائجها في تعزيز مكانة المملكة عالميًا في مجال استكشاف الفضاء، وخدمة البشرية، وإبراز دور مراكز الأبحاث السعودية وتأكيد جهودها الحثيثة في إحداث تأثير علمي في هذا المجال.

وخاض رائدا الفضاء خلال رحلتهم 11 تجربة بحثية وعلمية في بيئة الجاذبية الصغرى، إضافة إلى 3 تجارب تفاعلية تعليمية مع طلاب وطالبات المدارس في المملكة، ليصبح مجموع التجارب 14 تجربة استهدفت القيام بالأبحاث البشرية وعلوم الخلايا، وتجارب الاستمطار الصناعي في بيئة الجاذبية الصغرى.

وتعد الرحلة ضمن برنامج المملكة لرواد الفضاء الذي يعد أحد البرامج التي تهدف في مرحلتها الأولى إلى إرسال رائديّ فضاء ضمن رحلة مأهولة إلى محطة الفضاء الدولية، على ارتفاع ما يقارب 420 كلم فوق سطح الأرض.

استكشاف الفضاء

يسهم برنامج المملكة لرواد الفضاء في ترسيخ مكانة المملكة ووضعها في مصاف الدول الرائدة، وإلهام الأجيال القادمة بخصوص تقنيات الفضاء وأهميته، وتعزيز الأبحاث العلمية في مختلف مجالات الفضاء، وتعزيز الشراكات الوطنية والتعاون مع الجهات ذات العلاقة.

كما يحمل البرنامج أهمية خاصة في تحقيق طموحات المملكة ومستهدفات رؤية 2030 في مجال الفضاء، إلى جانب إسهامات البرنامج الفاعلة في رفع مكانة المملكة في قطاع الفضاء، ووضعها ضمن الدول الرائدة في مجال الفضاء بحلول 2030.

ومن أبرز العوائد المتوقعة على مستقبل الوطن: تفعيل الابتكارات العلمية في البرنامج على مستوى علوم الفضاء التي تنعكس إيجابًا على مستقبل الصناعة والوطن، التركيز على أهمية تنمية المهارات مثل زيادة الاهتمام الوطني بخريجي مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، ورفع مستوى استثمار طاقاتهم، وتنمية رأس المال البشري اتباعًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030 - من خلال جذب المواهب وتطوير المهارات اللازمة.

نماذج وطنية

يعمل البرنامج على تعزيز مكانة المملكة في خارطة الدول التي تتسابق للفضاء وتستثمر في علومه المتخصصة. كما أن تدشين البرنامج يمهد الطريق لطموح المملكة في مجال استكشاف الفضاء، لا سيما وأن المملكة قادرة على إجراء أبحاثها الخاصة بشكل مستقل.

وتتعزز هذه الطموحات بامتلاك المملكة إنجازات سابقة أسهمت في رحلات الفضاء وتطويرها ونماذج وطنية مشرفة ستعمل على تحقيق إنجازات على المستوى المحلي والدولي، وتطمح من خلال البرنامج إلى تمكين المزيد من المواطنين المتميزين والموهوبين لإطلاق قدراتهم والمنافسة محليًا وعالميًا.