تشهد مدينة العلا هذه الأيام طقسًا شتويًا بديعًا ورائعًا. هذه المدينة الواقعة شمال غرب المملكة العربية السعودية والتي تمتلك مقوماتٍ طبيعية تجمع بين جمال الطبيعة، والجبال ذات الألوان الخلابة، والمناخ الصحي الذي يؤهلها بجدارة لأن تصبح مركزًا عالميًا للاستشفاء الطبيعي والسياحة العلاجية. أضف إلى ذلك مزارع النخيل التي تقع في أحضان الجبال لتشكل لوحة فنية طبيعية تمتزج فيها المروج الخضراء بألوان الجبال الزاهية، في منظر لم تجده إلا في العلا.

تشهد تلك المدينة الدافئة الحالمة عمليات تطوير يومية على قدم وساق، تجعل من يغيب عنها لأسابيع قليلة ثم يعود، يُخَيَّل إليه أنه قد غاب عنها دهرًا وذلك من شدة تسارع عجلة التطوير في البُنَى التحتية والأساسية والفوقية. ومن أجمل المرافق التي قُدِمت للعلا هو مسار الدراجات الهوائية. فبين عشية وضحاها، وأنا أحد سكانها، فوجئت بوجود مسار دراجات يخترق المدينة من وسطها حتى أطرافها... كامل الإنشاء والتجهيز.

فقلت في نفسي لا حجة بعد اليوم في التقاعس عن الرياضة، وفرصة ذهبية لركوب دراجتي التي يكسوها الغبار لقلة استخدامها. كان الجو مشمسًا ودافئًا في أحد أيام شهر ديسمبر الماضي بين الظهر والعصـر والذي تصادف أن يكون يوم السبت نهاية العطلة الأسبوعية. فقررت ركوب الدراجة مستخدمًا مسار الدراجات. وسرت باتجاه يؤدي إلى خارج المدينة. وفي أثناء استمتاعي بهذه الأجواء الشتوية الدافئة، أبصرت سيارة من النوع جيب سوداء اللون تسير بمحاذاتي ونحوي، وبها شابان. فبادرت بالتوقف ظنًا مني أنهما من السائحين قاصدي العلا ويريدان الاستفسار عن شيء. فترجلا من السيارة بكل أدب وابتسامة ووقف على مقربة مني. عرفت أنهما من منسوبي إحدى الجهات التنفيذية المسئولة عن عمليات التطوير. وأدارا معي استبيانًا عن مدى رضائي عن المسار، واستمتاعي بقيادة الدراجة، وعن جودة المسار، وما إذا كان هناك أي أتربة أو رمال أو آثار أمطار متراكمة في أي نقطة من المسار قد قابلتني منذ خروجي من وسط المدينة إلى هذا المكان الواقع خارج المدينة. وكانا حريصين على معرفة أدق التفاصيل، حتى غير المؤثرة بالنسبة لي. قدما لي الشكر وتمنيا لي وقتًا سعيدًا وانصرفا. رأيتهما في طريق عودتي على جانب الطريق بأحد المواقع أثناء الحفر مع عمال إحدى شركات المقاولات.