بعد مضي أكثر من 5 سنوات (أي منذ 23 يونيو 2018) على بدء السماح للمرأة بقيادة السيارة في السعودية، كشفت الإحصاءات أن عدد النساء المتسببات في حوادث مرورية يفوق من حيث النسبة تلك التي يتسبب فيها السائقون الرجال.

وعلى الرغم من تأكيدات مختصين أن النساء أكثر مراعاة للقواعد المرورية من حيث الالتزام بربط الحزام والتقيد بالسرعة المسموحة، فإن المختصين أنفسهم أشاروا إلى أن المشتتات لدى المرأة أكثر خلال القيادة.

وكثيرا ما تجتمع المأساة مع الفكاهة في حوادث النساء التي لا يخلو بعضها من مواقف طريفة يتندر عليها كثيرون، فهي تخلط بين البكاء، الذي يكون عنوانها الأبرز، والدخول مع الطرف الآخر (الرجل) في مشاجرة، أو حتى طرافة التعليقات والموقف، سواء كانت قائدة المركبة هي من تتحمل المسؤولية الأكبر عن الحادث أو العكس.

وأكد مختص في قطاع التأمين أن الحوادث التي تكون المرأة طرفا فيها غالبا ما تعود إلى عدم ملاحظتها السريعة وإدراكها الخطر، أو نتيجة عدم انتباه بعض السيدات في أثناء القيادة، حيث تنشغل بأمور جانبية تؤثر على تركيزها.

ارتفاع في الحوادث

بلغ عدد الحوادث المرورية للنساء خلال 2022 - 2023 ما يقارب 186 ألف حادث، بارتفاع بمعدل 57.4% عن 2021.

وكشفت إحصائية لوزارة العدل في المملكة أن عدد القضايا المرورية في المحاكم والدوائر بكل مناطق المملكة خلال 8 أشهر من العام الماضي بلغ 12037 قضية، وأن 20% من هذه القضايا تتعلق بسائقات تورطن في حوادث مرورية أغلبها ارتطام من الخلف بمركبات أخرى، ليشكل هذا النوع من الحوادث 40% من حوادث السائقات، وهو ما قد يفسر بالاستجابة المتأخرة في ردة الفعل.

جوالي أبكاني

تتحدث سارة عن لحظات عاشتها عقب تعرضها لحادث مروري، وهي تقود سيارتها، إذ تقول: «كانت لحظات أدعو الله ألا يعيدها، ولن أنساها ما حييت، على الرغم من دخولي في نوبة من الضحك الهستيري عندما أتذكرها، وأتحدث عنها مع أخواتي وصديقاتي».

وتضيف: «في ثوان معدودة حدث ما لم أتوقعه، وأنا أقود سيارتي التي كلفتني كثيرا، وكنت من أسعد الناس عندما تحقق حلمي بشرائها، لكن جوالي سقط للأسفل خلال قيادتي لها، وتحديدا عند قدميّ، ولحظتها كانت إحدى أخواتي تتصل بي، فحاولت أن أصل إليه، ونظرت إلى الأسفل حتى أري أين هو، وفجأة ودون مقدمات ارتطم رأسي بالمقود مع صوت أصابني بذعر شديد، وإذا بوسادة الأمان الهوائية تخرج من مكانها، وكأنني في حلم، ووقتها صرخت وبكيت من الخوف والذهول، وما إن رفعت رأسي حتى شاهدت سيارتي تلتصق بسيارة أخرى أمامها».

وأكملت: «فتح باب السيارة التي اصطدمت بها أمامي وجاءني السائق، وسمعت صوته وأنا في حالة يصعب وصفها، وقال لي: هل أنت بخير؟ والحمد لله على السلامة، واستغرقت بضع دقائق معدودة لم أستطع خلالها أن أحرك قدميّ، ثم بدأت أدرك ما حدث، فالتفت ووجدت جوالي الذي كان سببا فيما حصل وأخذته، وبحثت عن رقم والدي، واتصلت به، فسمع صوتي وأنا أبكي ولم أتمالك نفسي، وهو يقول: «سلامات وش فيك؟ واين إنتي؟ وماذا حصل؟»، ووقتها كنت أحاول أن أخبره، وفي الوقت نفسه أشاهد الأضرار التي لحقت بسيارتي والسيارة الأخرى، وحين أخبرته حضر واحتضنني حتى أهدأ وطمأنني، وأبعد الخوف والهلع الذي أصابني».

وختمت سارة: «فكرت كم كان ذلك الموقف صعبا ومخيفا، وفكرت كذلك بأولئك الذين تقع لهم حوادث شديدة وما هي مشاعرهم، ومنذ ذلك الوقت قطعت عهدا بألا أمسك بالجوال وأنا أقود السيارة».

أضرار السيارة أنستني إصابتي

تشير صالحة إلى أنها تعرضت إلى حادث قبل شهرين. وقالت: «كنت أقود سيارة شقيقتي الصغرى التي استعرتها منها بغرض زيارة أهل زوجي، وعند توجهي إلى منزلي لاصطحاب أطفالي وقع ما لم يكن في الحسبان، حيث اتجهت من اليسار لليمين حيث المخرج، ولم ألتفت إلى وجود سيارة بالاتجاه نفسه، وإذا بي أتلقى ضربة قوية في ميمنة السيارة، ومن شدتها وقوتها قذفت بسيارة أختي للجهة الأخرى، ومن حسن حظي لم تكن هناك سيارات قادمة من الجهة اليسرى وإلا لكنت في خبر كان».

وأضافت صالحة: «من الصاعقة التي أصابتني والفاجعة والموقف الذي حدث لي للمرة الأولى في حياتي، وبعد مساعدتي في الخروج من قِبل عدد من أصحاب السيارات التي توقفت بالقرب منا، كنت أصرخ وأبكي على ما شاهدته من أضرار بالغة لحقت بسيارة أختي، ولم أنتبه إلى الإصابات التي لحقت بي، حيث كانت الدماء تغطي ملابسي، واستمررت في الصراخ والبكاء على الرغم من محاولة البعض تهدئتي، حيث طلبوا مني الجلوس حتى وصول الإسعاف، لكنني لم أكن أنتبه لهم، وكل ما تهيأ لي كانت شقيقتي، وماذا ستكون ردة فعلها بعد أن ترى سيارتها الجديدة محطمة».

وأكملت: «علمت لاحقا أنني قمت بتوجيه اللوم والصراخ في وجه صاحب السيارة الأخرى، وأنه المتسبب في الحادث، ولم أنتبه إلا في المستشفى، حيث سقطت وفقدت الوعي نتيجة نزف الدم».

وتابعت صالحة: «حين فتحت عيني كانت شقيقتي هي أول من شاهدته، وقد كانت تبكي بحرارة خوفا عليّ وفرحا بسلامتي، وكانت تضع يدها على رأسي، وتقول الحمد لله على سلامتك وتكررها».

خفت من الضرب فأغلقت الأبواب

أما مريم فإن الدعابة تختلط بالصدمة في حادثتها المرورية، إذ تقول: «كنت عائدة إلى المنزل بعد أن انتهيت من العمل، وقبل أحد التقاطعات كان هناك مطب صناعي بسيط، فأردت أن أهدئ من السرعة وأضع قدمي على الفرامل، فإذا بي أضعها وبقوة على دعسة البنزين، فارتطمت بالسيارة التي أمامي، وكانت الصدمة قوية جدا، ما تسبب في أضرار كبيرة للسيارتين».

وتابعت: «عند الاصطدام فوجئت بصاحب السيارة التي أمامها يغادرها، ويتجه نحوي وهو يحرك يديه، وكان صاحب بنية ضخمة، فأصبت بخوف وذعر شديدين، وتوقعت أنه قادم ليضربني، فقمت بإغلاق الباب، ولم أفتح له، وكان يتحدث لي ولا أسمع ماذا يقول، واتصلت على أخي، وأبلغته أنني عملت حادث، والرجال بيضربني».

وتكمل مريم: «تجمهر الناس في هذه الأثناء بشكل كبير، وكانوا يحاولون إقناعي أن أفتح الباب، ولم أفعل خوفا من صاحب السيارة، حتى حضر أخي ثم أخذني إلى سيارته، وفيما بعد علمت منه أن الرجل كان يريد أن يطمئن علي، وليس لديه النية ليضربني».

بوابة المنزل وضحك والدي

تستذكر شيماء علي، وهي في العقد الثالث من عمرها، أن تجربتها في القيادة كانت في بداياتها مليئة بالخوف والرهبة، وكان الأمر غريبا عليها، ويتطلب أن تركز في أكثر من شيء في آنٍ واحد، مع التمتع بسرعة البديهة في كل دقيقة وكل موقف.

وتقول: «من المواقف التي مريت بها في بداية تعلمي السواقة، ومن كثر الخوف والتوتر الذي أعيشه في زحمة الشوارع كنت كلما أوصل إلى المنزل أصدم بالبوابة، وكان والدي يضحك عليّ بشدة، معلقا: أعرف أنك وصلت حين أسمع ضربة البوابة».

وتختم: «ربما اصطدامي بالبوابة يعود السبب فيه إلى إحساسي بالأمان أنني وصلت».

قلق الشاحنات

توضح سارة محمد، وهي موظفة قطاع خاص، أن البدايات غالبا ما تكون صعبة على أي شخص. وتقول: «عندما بدأت السواقة منذ سنتين كانت مشاعر الخوف تسيطر علي بشكل كبير، وكلما كنت في الشارع ومرت شاحنة كبيرة أخفف السرعة لدرجة الوقوف، خوفا من الأحجام الكبيرة للشاحنات».

ورطة ومساعدة

ذكرت منى أحمد، وهي ربة منزل، أنها في بداية قيادتها السيارة، وفي إحدى المرات ذهبت إلى السوق، وكانت المواقف طولية ومزدحمة، وعند خروجها لم تستطع إخراج السيارة من المواقف، وكان الجميع ينظر كيف سوف تُخرج، حتى عرض عليها أحد الشباب مساعدته وأخرجها. وقالت: «منذ تلك اللحظة وأنا أتجنب المواقف المزدحمة لدرجة أنني أفضّل أن أوقف السيارة بعيدًا عن السوق، وأكمل باقى المسافة سيرا على الأقدام، كي أتجنب الإحراج».