ارتفاع تكاليف الزواج في السعودية من أبرز التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر في الشباب وأسرهم، حيث تفاقمت بسبب مظاهر البذخ والمباهاة التي أصبحت عبئًا إضافيًا يثقل كاهل العائلات.

وقد باتت هذه المظاهر الاجتماعية الدخيلة، التي يراها البعض ضرورة للتماشي مع المجتمع، عاملاً أساسيًا في رفع المهور وتكاليف حفلات الزواج، مما أدى إلى زيادة عزوف الشباب عن الزواج بسبب الأعباء المالية الكبيرة.

وتشمل هذه المظاهر التكاليف الباهظة للقاعات الفخمة، والديكورات، والضيافة، والتصوير، والهدايا، حيث تدفع الضغوط المجتمعية بعض العائلات إلى التنافس والتقليد الأعمى لما يرونه في وسائل التواصل الاجتماعي أو بين الأقارب، في محاولة لتجنب الانتقاد أو الظهور بمظهر أقل من الآخرين. نتيجة لذلك، تراجع التركيز على المعاني الجوهرية للزواج وتحولت القيم الاجتماعية إلى الاهتمام بالمظاهر المادية.


انعكست هذه الظاهرة بشكل سلبي على استقرار المجتمع، إذ أدى ارتفاع التكاليف إلى إحجام الشباب عن الزواج، وزيادة الأعباء المالية على الأسر، إلى جانب المشكلات الاجتماعية الناجمة عن الديون المتراكمة.

وتتطلب معالجة هذه الظاهرة تكاتف الجهود بين الحكومة، والمجتمع، والمؤسسات الإعلامية والدينية، من أجل الحد من هذه المنافسات المهلكة وخلق بيئة تدعم الشباب. ويشمل ذلك تنظيم حملات توعية عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تبرز أهمية البساطة في الزواج، والاستعانة برجال الدين والمثقفين لتوضيح القيم الإسلامية التي تدعو إلى التيسير. كما يمكن تسليط الضوء على قصص زواج ناجحة تمت بتكاليف بسيطة، وإقامة مبادرات جماعية لدعم المقبلين على الزواج بتكاليف معقولة.

إضافة إلى ذلك، من المهم وضع قوانين أو ضوابط تمنع المبالغة في المهور وحفلات الزواج، مع تحديد حد أقصى لبعض التكاليف بشكل اختياري يشجع الأسر على الالتزام به. كما يُعد تأسيس صناديق مجتمعية تسهم في تغطية تكاليف الزواج للفئات المحتاجة خطوة محورية لدعم الشباب وتحقيق استقرارهم الأسري.

إن هذه القضية ليست مجرد أزمة اقتصادية، بل هي تحد اجتماعي يتطلب حلولًا مستدامة تعيد التوازن إلى ثقافة الزواج، وتشجع الشباب على بناء حياة أسرية مستقرة بعيدًا عن الأعباء المالية والمظاهر الزائفة.