تُعد التجارب السريرية عنصرًا أساسيًا في تطوير المنتجات الطبية، حيث تضمن فعاليتها وسلامتها قبل اعتمادها مما يسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية وتعزيز الابتكار الطبي. كما تلعب دورًا اقتصاديًا مهمًا من خلال جذب الاستثمارات ودعم البحث والتطوير مما يعزز مكانة الدول التي تستثمر فيها كمراكز للابتكار الصحي.

يشهد سوق التجارب السريرية العالمي نموًا متسارعًا حيث بلغت قيمته 50.02 مليار دولار أمريكي في 2023 ومن المتوقع أن يصل إلى 85.37 مليار دولار بحلول 2032. ومع ذلك، لا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تساهم بأقل من 1% من التجارب السريرية عالميًا. أما في المملكة، فيبلغ معدل التجارب السريرية 0.1 لكل 100,000 نسمة، وهو أقل من متوسط 0.87 في دول مجموعة العشرين، مما يعكس الحاجة إلى تعزيز هذا القطاع لضمان الأمن الصحي.

جاءت رؤية السعودية 2030 لتعزيز الاستثمار في هذا القطاع الحيوي من خلال إنشاء المعهد الوطني لأبحاث الصحة بقرار من مجلس الوزراء قبل عامين تقريباً، ليكون الجهة المسؤولة عن تمكين ودعم التجارب السريرية في المملكة.


وليسهم في دعم توفير المنتجات الطبية والتقنيات محليًا، وتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية وزيادة مساهمة البحث العلمي في الناتج المحلي الإجمالي.

منذ إنشائه، يعمل المعهد بشكل داؤب على دراسة التحديات التي تعيق التجارب السريرية وإشراك اصحاب لمصلحة، مستهدفاً وضع استراتيجيات وإطلاق مبادرات لتطوير البيئة البحثية، لتكون المملكة وجهة جاذبة للاستثمار في هذا المجال. ومن الملاحظ خلال السنة الماضية زيادة عدد التجارب السريرية بنسبة 41%، حيث ارتفع عددها من 58 تجربة في 2023 إلى 82 تجربة في 2024، مما يعزز الطموحات لتكون المملكة مركز إقليمي واعد في هذا القطاع.

يعمل المعهد بإشراف مباشر من اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ال سعود ويرأس مجلس ادارته معالي الأستاذ فهد بن عبدالرحمن الجلاجل وزير الصحة، مما يوفر تمكينًا كبيرًا لأعماله. كما أن الترتيبات التنظيمية للمعهد جاءت داعمة لتعزيز قدرته على قيادة وتمكين التجارب السريرية. من خلال الاستغلال الأمثل للبنية التحتية، وتطوير التشريعات الممكنة، تسير المملكة نحو أن تصبح وجهة تنافسية رائدة لإجراء التجارب السريرية، محققة بذلك أثرًا صحيًا واقتصاديًا مستدامًا، وداعمةً للابتكار الطبي على المستويين الإقليمي والعالمي.