مع حرص السعوديين على طقوسهم المتبعة في العيد، والتي تتمثل في التجمع لأداء صلاة العيد، وزيارة الأهل، ولبس الجديد، وتوزيع الريالات (عيديات) للصغار من العائلة؛ إلا أن ثمة ظواهر جديدة بدأت تبزغ وتبرز في أعيادهم، وهي ظواهر جديدة أكثر رفاهية من العادات المتعارف عليها سابقا.

واختلفت وجهات النظر والآراء حيال هذه الظواهر بين عدّها «حداثة» وتغييرًا لطيفًا يضفي طابعًا اجتماعيًا أكثر تفاعلية عما سبق، ومن يراها طقوسًا طارئة لا أساس لها، تدعو إلى مظاهر الترفة والمبالغة في وقت مؤثر في حياة الأسر والمجتمعات اقتصاديًا.

في المقابل، وما بين الرأيين المتناقضين، ثمة من يخشى أن تمتد هذه الظواهر وأن تتكرس لتصبح مع الوقت ضمن العادات والتقاليد للأجيال المقبلة، على ما فيها من إرهاق مادي مكلف على الأخص لذوي الدخل المحدود، ومن هم في مستوى اقتصادي أقل منه.


طقوس مستحدثة

شهد السوق المحلي في السنوات الأخيرة ظواهر جديدة تتعلق بالمناسبات، مثل توزيعات الهدايا الرمزية خلال المناسبات المختلفة، ومنها الأعياد، وحفلات الزفاف، والغبقات، فضلًا عن مناسبات تقليدية مثل القرقيعان، وتجاوز بعضها أن يكون محصورًا بتوزيعات خاصة للأهل والأصحاب، ليمتد إلى الضيوف والمهنئين.

كما ظهر جانب آخر ترفيهي أكثر، يتمثل في إقامة المسابقات التفاعلية التي يتم بيع أدواتها جاهزة من السوق، والجوائز فيها هي هدايا جديدة.

وإمعانا في الإنفاق والرفاهية الفائضة بات بعضهم يشتري (قاعدات استقبال) أو ما تسمى بـ«ستاندات المناسبات» التي توضع عند بوابة موقع الاحتفال، وهي تختلف بحسب نوع المناسبة التي قد تقام في قاعة خاصة، أو في مزرعة أو منتجع، أو قد تكون بسيطة في المنزل، كما تنوعت أشكال قواعد الاستقبال مع الحرص على أن تكون قواعد جاذبة.

التغيرات في رتم تصاعدي

تعكس هذه الظواهر تغيرات ثقافية واجتماعية جديدة، وتظهر بوضوح في تفاعل الأفراد مع بعضهم في المناسبات التي يحتفلون بها.

وترتفع مع اقتراب موسم العيد نسبة شراء مثل هذه المنتجات، كما يزداد شراء الهدايا التي تحمل عبارات التهنئة بالعيد.

سمات الهدايا

تشير حورية الشيخ، وهي منسقة هدايا إلى أن السمات الرئيسة للتوزيعات في الهدايا الرمزية تكمن في تنوّع المنتجات، حيث تتنوع التوزيعات لتشمل العطور، البخور، المباخر، الرود، الحلي، وبعض الهدايا الرمزية الأخرى. ويمنح هذا التنوع المستهلكين خيارات واسعة تناسب مختلف الأذواق.

ويتميز تقديم هذه التوزيعات بالطرق الجميلة والجذابة، مما يجعل من الهدايا تجربة ممتعة للمستهلكين، فيما يزداد الاهتمام بالشغل اليدوي في صناعة هذه التوزيعات، مما يعكس الحرفية والجهد المبذول، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة التكلفة.

أسعار متفاوتة

في رصد ميداني لـ«الوطن» على محال الهدايا، وجدت أن الأسعار تتراوح بين 150 وحتى 200 ريال لقاعدة الهدايا (الستاند)، التي تضم 15 هدية صغيرة مثل العطور المزينة بورد أو شرائط الدانتيل وغيرها.

وإذا ما ركزنا على البيع بالجملة للعطر، نجد أن العطر الواحد لا تتجاوز قيمته الـ10 ريالات للمجموعة التي تضم 50 علبة، أي 500 ريال لقاعدة تحمل 50 عطرًا صغيرًا.

بالمقابل هنالك 45 علبة في قاعدة مزينة تبلغ قيمتها 670 ريالا، أي قرابة 700 ريال بفارق 200 ريال تحسب للإضافات والقاعدة وقيمة العمل اليدوي.

أما في محال قاعدات الاستقبال (الستاندات) فتختلف الأسعار حسب الخامة والنوع، فهناك قاعدات المرايا التي تتجاوز قيمتها الـ1000 ريال، وقاعدات الخشب التي تتراوح بين 700 و1000 ريال، وقواعد بالفلين تكون أقل من 500 ريال.

ويضاف إلى كل هذه الأسعار سعر كتابة عبارات التهنئة وما شابه عليها.

ابتكار جاذب

ترى الشيخ أن هذه الظاهرة تعد مؤشرًا على تغيير اقتصادي واجتماعي، فزيادة الطلب على الهدايا الرمزية تشير إلى رغبة الأفراد في التعبير عن مشاعرهم بطرق مبتكرة.

وقالت «تسهم هذه التوزيعات في تعزيز العلاقات الاجتماعية، حيث يُعد تبادل الهدايا وسيلة لتقوية الروابط بين الأصدقاء والعائلة».

من جانبهم، يرى عدد من المشترين أن الهدايا الرمزية تضيف لمسة شخصية على المناسبات، وتعد بديلًا مثاليًا للهدايا التقليدية، حيث إن الاهتمام بالتفاصيل يجعل الهدية أكثر قيمة.

آفاق لمشاريع جديدة

أضافت الشيخ «إذا استمر هذا الاتجاه، فقد يتحول إلى عادة في المجتمع، مما يفتح آفاقًا جديدة لعدد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومع الاستمرار في تبني هذه العادات، يمكن أن تنشأ علاقة مستمرة بين الأفراد، مما يعزز الفرح والألفة في المناسبات الاجتماعية كما يسهم في فتح باب جديد لسوق العمل».

حرفة وإتقان

من جانب آخر، تذكر نرجس الدمستاني أن «هذه الظاهرة تتسبب في تغيير ديناميكيات السوق، حيث تتطلب التوزيعات اليدوية المهارة والدقة، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وقد تعد التكلفة مرتفعة مقارنةً بالهدايا التقليدية. لكن في المقابل، تكاليفها تعكس الجهود المبذولة لجعل الهدايا مميزة ومختلفة.

وقد تصبح جزءًا من التقاليد المحلية، مما يعكس التوجه نحو الاستدامة والتمسك بالتراث الثقافي».

وأشارت إلى أنه «من المتوقع أن تستمر هذه الأعمال في الازدهار، مما سيشكل تأثيرًا إيجابيًا أو سلبيًا على السوق حسب استجابة الباعة والمشترين».

التعقيد الاقتصادي

بدورها، تذكر زهراء المصطفى أن «توزيع الهدايا خلال مواسم الأعياد يعد موضوعًا معقدًا يحمل في طياته جوانب إيجابية كما يحمل كذلك جوانب سلبية، وهذه الأخيرة تحديدًا تطال العائلات ذات الدخل المحدود».

وتضيف «من جانب سلبي قد تتسبب هذه الفعاليات في الأعياد بزيادة الضغط المالي على الأسر التي قد تشعر بهذه الضغوط عند محاولة شراء هدايا أو القيام بتوزيعات متناسبة مع المتغيرات الاجتماعية. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تجاوز الميزانية المدروسة لاحتياجاتهم الأساسية. ولا نغفل المسؤولية الاجتماعية، ففي المجتمع قد يشعر الأفراد بالضغط للمشاركة في التوزيعات أو تقديم الهدايا لمواكبة الآخرين، مما يمكن أن يولد مشاعر القلق والإحباط عند عدم القدرة على الامتثال لهذه التوقعات».

ولفتت كذلك إلى «جانب التكاليف المرتبطة بالأنشطة التفاعلية فالمسابقات والأنشطة التفاعلية التي تقام خلال الأعياد قد تتطلب أيضًا موارد مالية إضافية، مما يثقل كاهل الأسر».

فرص إيجابية

أما من الجانب الإيجابي، فإن المصطفى ترى أن «توزيع الهدايا يمكن أن يكون وسيلة رائعة لتعزيز الروابط بين الأفراد والجماعات، مما يؤدي إلى تقوية العلاقات المجتمعية وتعزيز الشعور بالانتماء، كما أن الأنشطة التفاعلية يمكن أن توفر فرصًا للاندماج والتفاعل، مما يعزز الروح الجماعية ويحول الأعياد إلى فرص للتواصل والتعاون».

وهي تعتقد أن «الهدايا وطرق تقديمها وتنوعها تعزز التحفيز للابتكار، حيث يمكن للتحديات المالية أن تدفع الأسر إلى ابتكار طرق جديدة في التعبير عن التقدير والمحبة، مثل صنع الهدايا اليدوية، أو تبادل الخبرات بدلًا من الهدايا المادية».

وأردفت «من المهم أن نحاول إيجاد توازن يحافظ على الروح الاحتفالية دون إرهاق الأسر ماديًا. كما يُفضل تشجيع العائلات على تقديم هدايا بسيطة أو تجارب مشتركة بدلًا من الهدايا المادية التي قد تكون مكلفة».

من الظواهر الجديدة في الأعياد

ـ توزيعات هدايا رمزية.

ـ التوزيعات لا تشمل الأهل فقط بل وكذلك المهنئين والأصدقاء.

ـ مسابقات تفاعلية تقدم جوائز تتمثل بهدايا للمشاركين.

ـ استاندات استقبال توضع عند بوابات مواقع الاحتفال.

ـ هدايا ومنتجات تحمل عبارات التهنئة بالعيد.

مبررات مناصري الظواهر الجديدة

ـ تعزز التفاعل الاجتماعي.

ـ تزيد الألفة بين الأفراد.

ـ تحفز على الابتكار.

ـ توفر فرص عمل جديدة.

مبررات معارضي هذه الظواهر

ـ ترتب تكاليف إضافية على الأسر.

ـ يصعب تحملها بالنسبة للأسر محدودة وضعيفة الدخل.

ـ تشكل حالة من الضغوط على اقتصادات الأسر.

ـ استمرارها قد يحولها إلى عادة اجتماعية للأجيال المقبلة.