في ظل غياب الآلية الواضحة للرقابة على الأسعار أو ضمان جودة الخدمة، بات عدد من مراكز المساج «التدليك» تتسابق في إطلاق خدمات تحت مسمى «المساج الملكي»، والذي يقدم من خلال زيارة الزبونة في منزلها، وليس في الصالون النسائي أو المركز، ولكن بأسعار باهظة تصل إلى أضعاف تكلفة جلسات المساج العادية.

وأثارت هذه الظاهرة جدلًا واسعًا بين العملاء الذين رأى بعضهم أن الأمر لا يعدو أن يكون رفاهية فائضة، فيما وصفه آخرون بأنه «نصب» مغلف بالتسميات الجذابة.

وتستغل بعض تلك المراكز مسميات يبدو في ظاهرها الفخامة، مثل «المساج الملكي»، أو «الفاخر»، أو «الماسي» لجذب الباحثين عن التميز، إلا أن الخدمة المقدمة في كثير من الأحيان لا تختلف عن نظيرتها المقدمة في الجلسات التقليدية إلا في بعض التفاصيل البسيطة، بينما يبدو الفارق في مقابلها المادي ثلاثة أو أربعة أضعاف.


خديعة المسمى

تشتكي سماح عبدالله من أنها دفعت مبلغًا كبيرًا لجلسة «مساج ملكي» وصل إلى 650 ريالًا، لكنها فوجئت بأن الخدمة عادية جدًا، ولا تختلف عن خدمة المساج العادي، إلا في تقديم مشروب قبل الجلسة، وهو كوب من العصير، واستغرقت الجلسة 25 دقيقة، وأوضحت «خُدعت بالمسمى، فلا فرق بين هذا المساج الملكي، وذاك المساج العادي الذي لا تزيد قيمته عن 150 ريالًا فقط».

وأكدت أن المسؤولات عن مراكز المساج يستغللن السيدات عبر ابتكار مسميات جديدة للخداع، وذلك للحصول على أرباح باهظة، وطالبت بأن تكون هناك رقابة على أسعار خدمات الصالونات، والخدمات المقدمة، وقالت «كل صالون يضع أسعارًا تختلف عن الآخر دون أي ضوابط».

استنزاف جيوب

من جهتها، تؤكد أم محمد أن ما يكمن خلف تلك الإعلانات البراقة والمضللة ليس إلا محاولة لاستنزاف الجيوب، فلا فرق بين المساج العادي، والمساج الذي يدعون أنه «ملكي».

وتقول «الحقيقة تختلف تمامًا عما تذكره الإعلانات المروجة لهذه الخدمات، مع فرض أسعار مبالغ فيها قد تصل إلى أضعاف التكلفة الحقيقية، إضافة إلى استخدام زيوت لا يُعرف مصدرها، وبالتالي فإن الأمر لا يعدو أن يكون خدعة، فلا فرق في الخدمة، إلا أن السعر مبالغ فيه، ومدة الخدمة (المساج) قصيرة».

إصابة في العمود الفقري

تروي أم ريم تجربتها، وتقول «بحثت عن الاسترخاء بعد يوم طويل ومتعب، فتواصلت مع إحدى مقدّمات الخدمة عبر تطبيق شهير. وبعد الجلسة شعرت بألم حاد في ظهري. وعند مراجعة الطبيب تبيّن أن لدي التهابًا حادًا في فقرات العمود الفقري بسبب الضغط العنيف أثناء المساج الملكي»، ونصحت بعدم تصديق ما تزعمه الإعلانات التي توهم السيدات وتوقع بهن.

كدمات وتورم

أما نورة، فتقول «اتفقت مع مسوقة عبر مواقع التواصل على جلسة مساج ملكي منزلي بتكلفة 700 ريال. استخدمت أدوات مجهولة وضغطت بقوة على ساقي حتى ظهرت كدمات وتورّم استمر لأيام، واضطررت لزيارة الطوارئ، وأصبحت أعاني من آلام لعدة أسابيع».

أساليب تسويق

من جانبها، تبرر صالونات نسائية تقدم خدمات المساج الأسعار العالية التي تفرضها بعضها بأن خدماتها تقدمها خبيرات، إضافة إلى استعمالهن لزيوت خاصة مرتفعة الثمن، ناهيك عن تكلفة الزيارات المنزلية، حيث تقدم خدمة المساج الملكي في منازل السيدات وليس في الصالونات، مؤكدة أن السعر للمساج الملكي يصل إلى 500 ريال، وقد يصل حتى 700 ريال في حال طلبت الزبونة تدليكًا لمدة ساعة.

خطر المشاكل

بدورها، تشدد أخصائية العلاج الطبيعي الدكتورة صباح علي، على أن «المساج المنزلي إذا لم يتم بواسطة متخصصين معتمدين فقد يسبب إصابات عضلية أو مشاكل صحية، خاصة لدى من يعانون أمراضًا مزمنة أو مشاكل في العمود الفقري».

وتضيف «في ظل التوسع الكبير في خدمات المساج والسبا، يظل وعي المستهلك هو السلاح الأهم لتفادي الوقوع ضحية للأسعار المبالغ فيها، والشعارات الزائفة».

وأشارت إلى أن «إجراء المساج بشكل غير صحيح قد يؤدي إلى تمزق العضلات، أو شدّ الأربطة نتيجة الضغط العنيف، ما قد يفاقم مشاكل العمود الفقري لدى من يعانون مثلًا من الانزلاق الغضروفي أو آلام مزمنة، مع احتمالية حدوث تجلطات دموية قد تصل إلى مضاعفات خطيرة، أو كدمات وتورّم بسبب الحركات الخاطئة أو القوة المفرطة».

وأضافت «المساج ليس رفاهية فقط، بل علاج يجب أن يتم تحت إشراف مختص، لأن أي خطأ بسيط قد يسبب إصابات دائمة».

وشددت على ضرورة التأكد من تراخيص مزوّدي الخدمة قبل السماح لهم بالدخول إلى المنازل، مؤكدة أن بعض مقدمي خدمات المساج غير المرخّصين يستعملون أدوات مجهولة المصدر، ما قد ينقل العدوى الجلدية أو البكتيرية.