وتمثل هذه الخطوة انتقالًا من التخطيط إلى التنفيذ في مسيرة التحول نحو مصادر مستدامة للطاقة، وفتحا للباب أمام قطاع المقاولات للدخول إلى مجالات جديدة تتطلب تقنيات متقدمة وكوادر متخصصة.
مشروع ريادي
أورد تقرير الهيئة السعودية للمقاولين SCAVO أن المشروع يندرج ضمن المرحلة الرابعة من برنامج الطاقة المتجددة، ويعد من أكبر مشاريع طاقة الرياح في السعودية حتى الآن. وقد جرى ترسيته نهاية يوليو الماضي في منطقة المدينة المنورة في محافظة ينبع، ما يعكس توجه الدولة إلى تنمية المناطق الطرفية من خلال مشاريع نوعية وإستراتيجية.
ويمثل المشروع تحولًا في نوعية العقود المرساة، حيث يخرج قطاع المقاولات من إطاره التقليدي في الإنشاءات والبنية التحتية، ويدخل في تنفيذ مشاريع تعتمد على تقنيات الطاقة الحديثة.
دلالات اقتصادية
لا تقف أهمية المشروع عند البعد البيئي فقط، بل تمتد إلى تأثيرات اقتصادية متعددة. فإلى جانب خفض الانبعاثات وتوليد طاقة نظيفة، يسهم المشروع في:
ـ تحفيز السوق المحلية للمقاولين المهتمين بالبناء الأخضر.
ـ خلق فرص عمل في مجالات تقنية وهندسية جديدة.
ـ تعزيز كفاءة منظومة إنتاج الطاقة، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
هذا التوجه يعكس التزام المملكة بتطبيق مستهدفات رؤية 2030، التي تهدف إلى إنتاج نصف الكهرباء من مصادر متجددة خلال العقد المقبل.
الذراع التنفيذي
تُعد الشركة السعودية لشراء الطاقة SPPC الجهة المالكة والمشغلة للمشروع، وهي الذراع التنفيذي لوزارة الطاقة في تنفيذ مشاريع الطاقة المستقلة.
وتقوم الشركة بشراء الطاقة من المنتجين وتشغيل منظومة المزادات والمنافسة التعاقدية، ما يمنحها موقعًا محوريًا في تسريع تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة.
ويسلط المشروع الضوء على نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تنفيذ مشاريع البنية التحتية المستدامة.
فرص وتحديات
بالرغم من الطابع الريادي للمشروع، ما تزال مشاريع الطاقة المتجددة تواجه مجموعة من التحديات التقنية واللوجستية أبرزها:
ـ الحاجة إلى تأهيل مقاولي الباطن المحليين للعمل في بيئة مشاريع الطاقة النظيفة.
ـ نقص المصانع المحلية المنتجة لمكونات رئيسية مثل التوربينات.
ـ صعوبة تنفيذ مشاريع الرياح في بعض المواقع ذات الظروف المناخية الخاصة.
ومع ذلك، توفر هذه التحديات فرصاً للنمو الصناعي المحلي، إذا ما تم تحويلها إلى مبادرات استثمارية تعليمية وتقنية.
باكورة التحول
تمثل ترسية هذا المشروع للبدء في تنفيذه نقلة نوعية في طبيعة السوق، حيث لم تعد المشاريع مقتصرة على البنية التحتية والنفط، بل بدأت مشاريع الطاقة المتجددة تدخل بقوة في قائمة الأولويات التعاقدية، مما سيعيد تشكيل ملامح قطاع المقاولات السعودي خلال السنوات المقبلة.