شهدت الفعاليات الترفيهية المختلفة التي تقام في المملكة في إطار تعزيز السياحة والترفيه ارتفاعًا في التكاليف، نجم عن فرض رسوم دخول إلى تلك الفعاليات، ناهيك عن كلفة الخدمات في تلك الفعاليات مثل الألعاب والمطاعم والكافيهات والفعاليات داخل الموقع وغيرها.

وكثيرا ما تعد أمانات المناطق نماذج لمشاريع استثمارية لتمويل المواقع الترفيهية، حيث يتولى المستثمر استئجار الموقع لفترة طويلة، ثم يقوم بإعادة تأهيله وتشغيله، بعدما يرسو عليه المشروع عبر منافسات تُطرح فيها عروض متنوعة تضمن معايير السعر والجودة. ومع ذلك، غالبًا ما نشهد رفع المستثمرين لقيمة دخول ومشاهدة الفعاليات، وعلى الأخص أنهم يفرضون رسوما للدخول، وأخرى للخدمات وتذاكر الألعاب وغيرها داخل الموقع ما يزيد العبء الإجمالي على المستهلك.

ويعلل مستثمرون هذه الارتفاعات بالرغبة في تعويض مصاريف الإيجار والتشغيل. لكنها ارتفاعات أثارت تساؤلات عدة، منها: هل يوجد سقف مادي محدد من الأمانة يحدد قيمة التكاليف؟ وما هي مسببات الارتفاع، ومدى العائد منها؟


مواقع استثمارية

يؤكد مصدر في أمانة المنطقة الشرقية أن دور الأمانة يقتصر على تسليم الموقع وإنهاء الإجراءات مع المستثمر، واستلام القيمة المتفق عليها لتشغيل المكان، لكنها لا تتدخل في تفاصيل تكاليف الفعاليات المقامة على أرض الموقع ذاته. والأمر هنا يعود إلى نظرة وتقدير المستثمرين أو منظمي الفعاليات، استنادًا إلى معايير مختلفة، منها التكلفة الإجمالية للمشروع، الميزانية المطروحة، عدد الفعاليات المصاحبة، وقيمتها.

من جانبهم يشير منظمون إلى أن تكلفة المشروع الباهظة تعد من أسباب ارتفاع التكاليف التشغيلية، وذلك للموازنة بين المصروفات والإيرادات المستهدفة مع ضمان نجاح المشروع ذاته.

تباين واختلافات

يذكر خالد الغامدي، مالك إحدى شركات التنظيم والترفيه في المنطقة الشرقية، أن «عملية تأجير المواقع الاستثمارية من قبل الأمانة تختلف من منطقة إلى أخرى، ومن موقع إلى آخر، ومن مساحة إلى مساحة. لذلك، لا تُحدد أسعار موحدة، ولا يمكن ربطها بقيمة محددة».

وحول الخدمات أو البرامج المصاحبة للفعالية وتكاليفها، أشار إلى «وجود اختلاف في أنواع الفعاليات، وهذا يؤثر على الخدمات المجانية، فهناك فعاليات تتطلب رسوم دخول، وأخرى يكون الدخول فيها مجانيًا مع تعويض التكاليف عبر برامج متنوعة داخل الفعالية». وأوضح أنه «في بعض الفعاليات يُسمح بحد مالي معين يُدفع منذ البداية عند البوابات، ويشمل الخدمات داخل الفعالية، مع إمكانية الاستفادة من المرافق دون رسوم، مثل منطقة الأكشاك (نقاط البيع) والمطاعم والمعارض أو الأسواق المفتوحة، وكل ذلك يكون ضمن رسوم الدخول».

تكاليف مفرطة

أضاف الغامدي «ترتفع أسعار بعض الفعاليات بشكل مبالغ فيه بسبب عوامل عدة، أهمها أن المنظم أو المستثمر يؤجر بعض الشركات، فتبدو الفعالية وكأنها فعاليتان داخل فعالية واحدة، وذلك لتغطية التكاليف».

وأكد أنه «من الصعب وضع رسوم محددة وتوحيد قيمة تذاكر الدخول أو أسعار الفعاليات، نظرًا لاختلاف نوعية الفعاليات، وتنظيمها، وتنفيذها، باختلاف معايير متعددة، مثل الموقع، والتصميم، والفريق المشغل، وحتى المصاريف الداخلية، وحجم الفعالية».

وأشار أيضًا إلى أن «إقامة بعض الفعاليات في فنادق مخصصة للعروض تكون قيمة إيجاراتها عالية جدًا، يؤدي إلى ارتفاع رسوم الدخول جزئيا لتغطية التكاليف. ناهيك عن أن بعض المستثمرين يرون أن التذاكر الرخيصة تساهم في انتشار وتسويق المكان، وبناءً عليه، يتم تحديد أعداد الزائرين بناءً على مبيعات التذاكر، مما يضمن عدم التكدس، ويضمن مراقبة الحضور، بحيث لا يتجاوز الطاقة الاستيعابية للمكان. لذلك، يُنظر إلى التذاكر كأداة تنظيمية أكثر منها كمصدر دخل رئيس».

فرص وعوائق

من جانبه، أكد الدكتور علي بو خمسين، المستشار الاقتصادي الحاصل على دكتوراه، أن «ارتفاع تكاليف الدخول للفعاليات الترفيهية أصبح ظاهرة واضحة على معظم الأنشطة، خاصة التي تُنظم على مواقع تابعة للجهات المختصة، حيث يفرض المستثمرون رسومًا عالية على التذاكر والخدمات، مما يشكل عائقًا أمام بعض فئات المواطنين للاستفادة من هذه الأنشطة، لا سيما في موسم الصيف، الذي تتزايد فيه الحاجة إلى الفعاليات الترفيهية».

ويعزو الدكتور بو خمسين السبب في ذلك إلى «رغبة المستثمرين في تعويض التكاليف الإيجارية العالية، حيث قد يرون أنه من المصلحة خفض المبالغ المفروضة على الزوار، لأن ارتفاعها يؤدي إلى انخفاض عدد الحاضرين، وبالتالي تراجع الإيرادات. فيما ترتفع أسعار الخدمات والمأكولات والمشروبات داخل الفعاليات بشكل كبير، مما يثقل كاهل الزوار ويقلل من رغبتهم في المشاركة».

تحدٍ سياحي ترفيهي

في السياق ذاته، أوضح بو خمسين أن «الهدف من تراخيص إقامة الفعاليات هو دعم السياحة، وخلق فرص عمل، وزيادة الناتج المحلي، وتحسين مستوى جودة الحياة. لذا، يكمن التحدي الحقيقي في تحقيق توازن بين مصلحة المستثمرين في تعويض استثماراتهم، والمصلحة العامة في جذب أكبر عدد من الزوار للاستفادة من الأنشطة الترفيهية».

ورأى أنه «من الضروري أن تقوم الجهات المعنية، ممثلة في الأمانات، بمراجعة آليات إرساء العروض على المستثمرين، مع وضع سقوف على الرسوم المفروضة على الزوار، وتشجيع تقديم خدمات ذات جودة عالية وأسعار مناسبة، لأن هذا من شأنه تعزيز الإقبال على الفعاليات وتحقيق الأهداف المنشودة من هذا القطاع، وتحفيز السياحة الداخلية».