وأشار تقرير «الآفاق الزراعية 2025 - 2034»، الصادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO) إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستشهد نموًا في الطلب على السلع الغذائية الأساسية بنسبة 34% خلال العقد المقبل، ما يفرض تداعيات عميقة على الأمن الغذائي، وأسواق الاستثمار وسلاسل الإمداد العالمية، ويضع السعودية في موقع النموذج الاقتصادي القادر على موازنة المخاطر بالفرص.
زيادة الطلب على الحبوب
تشير توقعات التقرير إلى أن استهلاك الحبوب في المنطقة العربية، بما فيها السعودية سيرتفع بمعدل سنوي يقارب 2.3%، ليصل إلى أكثر من 230 مليون طن بحلول 2034، مقابل نحو 178 مليون طن حاليًا.
ويأتي القمح في صدارة هذه الزيادة، مدفوعاً بارتفاع الطلب على الخبز والمعجنات، بالنسبة للسعودية، يمثل القمح أحد أعمدة الأمن الغذائي، حيث تسعى عبر الاستثمارات المحلية والخارجية إلى تقليل فجوة الاستيراد، التي ما زالت تشكل أكثر من 70% من احتياجاتها.
ومن خلال مشروعات زراعية أطلقتها السعودية في أوكرانيا والسودان وباكستان، تعمل الرياض على تنويع مصادر الحبوب، بما يقلل من مخاطر تقلبات الأسعار العالمية.
تضاعف استهلاك اللحوم
توقع التقرير كذلك زيادة استهلاك اللحوم الحمراء والبيضاء في المنطقة «شمال أفريقيا والشرق الأوسط» بنسبة 28% خلال العقد المقبل، ليصل إلى نحو 12 مليون طن بحلول 2034، ويقود نمو الدخل وارتفاع معدلات التحضر هذا التحول الغذائي.
وفي السعودية، يشكل قطاع الدواجن نموذجًا لافتًا؛ إذ وصلت المملكة إلى نسبة اكتفاء ذاتي تتجاوز 68%، مع خطط لرفعها إلى 85% بحلول 2030، أما بالنسبة إلى اللحوم الحمراء فما زالت تعتمد بشكل رئيس على الاستيراد، وهو ما دفع إلى تشجيع الاستثمارات في تربية الماشية وتحسين تقنيات الأعلاف.
الألبان سوق متنامٍ
الطلب على منتجات الألبان في المنطقة مرشح بدوره للنمو بنسبة 22% ليصل إلى 49 مليون طن بحلول 2034، مقارنة بنحو 40 مليون طن حاليًا، ويعكس هذا التحول اتساع قاعدة المستهلكين الشباب، وارتفاع الوعي الغذائي.
وفي السعودية، برزت شركات الألبان الوطنية كلاعب إقليمي، حيث تصدّر منتجاتها إلى أسواق الخليج والشرق الأوسط،
ومع استثمارات في تقنيات الإنتاج وتبريد سلاسل الإمداد، تواصل المملكة تعزيز قدرتها التنافسية في هذا القطاع الحيوي.
استيراد الزيوت النباتية
يشير التقرير إلى أن الطلب على الزيوت النباتية سيرتفع بنسبة 26% في المنطقة، مدفوعًا بالاستخدام المزدوج للزيوت في الغذاء والصناعات.
وعلى الرغم من أن السعودية تعد سوقًا ضخمًا لهذه المنتجات، إلا أن الاعتماد شبه الكامل على الواردات يظل تحديًا إستراتيجيًا، ولهذا تعمل الرياض على بناء شراكات طويلة الأجل مع دول منتجة، مثل ماليزيا وإندونيسيا لتأمين إمدادات مستقرة.
الأمن الغذائي وسلاسل الإمداد
مع توقعات بزيادة واردات الغذاء في المنطقة بنسبة تفوق 30% خلال السنوات المقبلة، تتعاظم أهمية بناء شراكات دولية متعددة المسارات، وتبرز السعودية في هذا السياق عبر اتفاقيات إستراتيجية مع آسيا وأفريقيا لتأمين تدفقات مستدامة من الحبوب واللحوم والزيوت.
كما تواكب الرياض هذه الجهود باستثمارات ضخمة في الموانئ والمناطق اللوجستية، ما يعزز موقعها كمركز إقليمي يربط بين الإنتاج العالمي وحاجات المستهلكين في المنطقة.
المخاطر والفرص
التحولات الغذائية المتوقعة لا تعني فقط تحديات متصاعدة، بل تفتح الباب أمام فرص استثمارية واعدة في قطاعات الزراعة الذكية، والصناعات الغذائية، والبنية التحتية اللوجستية.
ويضع التقرير السعودية في موقع متقدم لقيادة هذا التحول، بما يعزز دورها كمركز إقليمي يوازن بين المخاطر والفرص، ويرسم ملامح نموذج اقتصادي جديد للأمن الغذائي.
الزراعة والغذاء 2025 - 2034
%34 زيادة طلب على الغذاء بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2034
230 مليون طن استهلاك الحبوب المتوقع
12 مليون طن استهلاك اللحوم (+28%)
49 مليون طن استهلاك الألبان (+22%)
%26 نمو الطلب على الزيوت النباتية
4 مليارات ريال استثمارات سعودية في الزراعة الذكية
%85 اكتفاء ذاتي سعودي من الدواجن بحلول 2030