ويعني نقل الديون المقصود بأن تكون شركة ما مدينة لجهة أخرى (شركة أو شخص أو بنك أو غيره) بمبلغ مرتفع، قد يكون على سبيل المثال 100 مليون ريال، فتعمد إلى تحويل هذا الدين على فرد لديه سجل تجاري مع منحه مبلغا قد يصل فرضا إلى 50 مليون ريال مقابل تحمله كامل مبلغ الدين بكل تبعاته وما يترتب عليه.
وتغري الشركات الأفراد المستهدفين بتحويل الديون إليهم بأن المبلغ الذي تقدمه له (50 مليون ريال في الفرضية السابقة) يمكنهم استثماره وتشغيله بحيث يسدد الدين، ويحقق لهم هامشا من الربح، دون أن ينتبه كثيرون إلى أن مثل هذه الخطوة قد تورطهم في متاعب شديدة الخطورة.
مخاطر قانونية
يشير المحامي بدر سالم إلى أن ديونا بهذا الحجم عادة ما ترتبط بعقود والتزامات متعددة، وقد يعرض نقلها إلى فرد واحد لمخاطر ومسؤولية كبيرة في حال فشله في السداد، وربما تورط المدين الجديد في نزاعات قضائية مطولة قد تكون مآلاتها النهائية السجن أو الغرامة المالية. كما أنها يمكن أن تدخل في إطار الاحتيال المالي.
مخاطر مالية
من جهته، أوضح المستثمر في مجال العقارات شاكر عبدالله أن «تحمّل شخص واحد مديونية ضخمة بنحو 100 مليون ريال، حتى مع وجود سجل تجاري لديه، يشكل مخاطرة مالية كبيرة، فالسجل التجاري بحد ذاته لا يكفي لضمان قدرة الشخص على الوفاء بالالتزامات، خصوصًا في ظل تذبذب الأسواق والضغوط الاقتصادية. وفي حال عجزه عن السداد، فقد يتعرض للإفلاس أو الحجر على أمواله».
مخاطر سمعة وثقة
يؤكد المستشار القانوني عبدالإله ماجد أن «هذا النوع من الصفقات قد يؤثر على سمعة الأطراف المعنية، إذ يمكن أن يُفهم على أنه محاولة للالتفاف على الدائنين، أو إعادة تدوير الديون بطرق غير شفافة. وقد يؤدي ذلك إلى تراجع الثقة بين التجار والمستثمرين».
وأشار إلى أن «نقل المديونيات الكبرى يخضع إلى رقابة الجهات المالية والتنظيمية. وأي عملية غير موثقة أو لا تراعي الأنظمة قد تُعرّض القائمين عليها للمساءلة القانونية والعقوبات».
وتابع: «على الرغم من أن دفع جزء من الدين للفرد الذي نقلت إليه الديون، مثلا 50 مليون ريال، بشكل مباشر قد يبدو مغريًا، فإن المخاطر المرتبطة بتحميل شخص واحد مديونية بحجم 100 مليون ريال تفوق الفوائد القصيرة المدى، وهنا أنصح بأن يحصل من يريد الإقدام على مثل هذه الخطوة على استشارة قانونية متخصصة قبل التورط في مثل هذه الصفقات، والتأكد من وجود ضمانات كافية لحمايته من أي مطبات قد لا تبدو مكشوفة».
اتفاق نقل
يوضح المحلل الاقتصادي محمد شرع أن نقل الدين يكون عن طريق إبرام الطرفين اتفاقًا يقضي بنقل مديونية قائمة، على سبيل المثال 100 مليون ريال، من الطرف إلى الطرف الثاني بصفته المدين الجديد، متكفلًا بجميع الالتزامات والحقوق المترتبة عليها.
وقال: «بموجب الاتفاق، يلتزم المدين الجديد مثلا بسداد 50 مليون ريال نقدًا أو عبر تحويل بنكي إلى حساب الطرف الأول فور توقيع العقد، على أن يستكمل مسؤوليته الكاملة عن كامل المديونية المحوّلة أمام الدائنين والجهات ذات العلاقة، دون أي رجوع على الطرف الأول بعد التعاقد».
وأكمل: «كما ينص الاتفاق على ضرورة أن يمتلك المدين الجديد سجلًا تجاريًا ساري المفعول، مع إقراره بمسؤوليته النظامية عن صحة بياناته، وضمان استمرارية السجل طوال فترة الالتزام، وهذه المادة تُعد ملزمة ونافذة قانونيًا وشرعيًا من تاريخ التوقيع، وتشكل جزءًا لا يتجزأ من العقد الرئيس».
أضرار نفسية
يبين المستشار النفسي علي زامل أن الأشخاص الذين يتحملون ديونا كبيرة يكونون مهددين بالإصابة بالقلق المستمر والتوتر المتصاعد، إذ يظل الخوف من تراكم الالتزامات أو مواجهة رسوم إضافية هاجسًا يوميًا، حتى وإن بدت العملية في ظاهرها أكثر سهولة.
وشدد على أن المشاكل المالية كثيرًا ما تكون سببًا رئيسا في الخلافات الأسرية. كما تدفع البعض إلى الانسحاب من أنشطتهم الاجتماعية، لتجنب الإحراج وتجنب زيادة المصاريف، ولها أيضا تأثير سلبي مباشر على الصحة النفسية والجسدية، حيث يحذر الأطباء من أن الضغط المالي المزمن الناتج عن الديون ونقلها قد يؤدي إلى أرق واضطرابات نوم، فضلا عن صداع وآلام جسدية مرتبطة بالتوتر النفسي. وفي حالات متقدمة، قد يسهم في الإصابة بالاكتئاب أو فقدان الشغف بالحياة.
الوعي والتخطيط
يجزم متخصصون في مجال الاستثمار أن الحل يكمن في تعزيز الوعي المالي لدى الأفراد، والتخطيط المسبق قبل اتخاذ قرار بنقل الديون، بالإضافة إلى طلب المشورة المالية أو النفسية عند الحاجة.
وأوضحوا أن نقل الديون قد ينطوي على خدعة مالية تعرض كثيرين إلى السجن والغرامة في حال لم يتم الوفاء بالالتزامات، فكثيرون ممن قبلوا هذه المجازفات اكتشفوا أنها تفوق طاقتهم، وانتهى بهم الأمر في السجون أو الأمراض.