زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأمريكية لم تكن كأي زيارة بين البلدين منذ لقاء الملك عبدالعزيز بروزفلت حتى تاريخه، بل كانت تَسْطيرًا لمرحلة جديدة في العلاقات السعودية/ الأمريكية تمثّل، وبكل جلاء، قطيعة هادئة مع نمط العلاقات التقليدية بين البلدين. فالزيارة بيّنت، وبهدوء، خروجًا واضحًا عن الإطار التاريخي، انتقالا إلى مرحلة جديدة في العلاقة بين البلدين، تكون فيها مصلحة السعودية أولًا، بحثا عن التكنولوجيا، والتقنية، والصناعات العسكرية المعقّدة، والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي. فهذه النقلات النوعية جعلت الزيارة مختلفةً ليست كمثيلاتها.

ولي العهد جعل السعودية تتفاوض من موقع قوة، زيارة تعكس رؤية سعودية صنعها الأمير محمد، ترسم معالم التعامل مع السعودية الجديدة بملامح الندية وتبادل المصالح، بحيث كما أنك تستفيد مني فأنا أيضًا أستفيد منك. وهذه الندية التي صنعها ولي العهد جعلت السعودية تحطّم الحصون القائمة بين عالمين ليكون هناك عالم واحد تحدده الندية والمصلحة الوطنية أولًا!

هذا كلّه جعل السعودية ترتقي إلى مستوى لم يواجهه أيّ مسؤول غربي من قبل، مع أي دولة من العالم العربي، فهم أمام مولد عالم عربي جديد يفاوض من موقع الشموخ والأنفة، يقوده رجل واحد اسمه: محمد بن سلمان.


الزيارة أعادت صياغة التعاون الدفاعي، من مجرد صفقات سلاح لا تنتهي وترهق اقتصادات أقوى دول العالم، إلى بناء قدرات ردع وشراكة أمنية أوسع، وتوطينٍ للتكنولوجيا، ما يعني مولد عهد جديد. كذلك، كان الخطاب السياسي في الزيارة خطابًا يشعّ كرامةً وإباءً، فلغة المصالح المستقبلية للسعودية حلّت محل لغة أخرى.

وأصبح جليًّا من خلال الزيارة أن السعودية أصبحت مُصدِّرًا للاستقرار الإقليمي؛ فهي تلعب دورًا فاعلًا في الأمن الإقليمي، وأسست الزيارة لصيغة جديدة للعلاقة الثنائية؛ علاقة متعددة المسارات بدل النموذج التقليدي. إضافة إلى ذلك، بيّنت الزيارة أن ولي العهد يدخل واشنطن من باب الشراكة؛ فالآن يوجد شكل جديد للتحالف يواكب مكانة السعودية الحديثة كقوة إقليمية واقتصادية.

وبكل ثقة نستطيع القول: إنها زيارةٌ ليس كمثلها شيء.