تناقلت وسائل الإعلام الإخبارية قبل فترة خبر تولي حسين سلامي قيادة الحرس الثوري الإيراني بدلا من محمد جعفري في حركة لاستمالة العالم، وفي الوقت نفسه خداعه وصرفه عما يجري في إيران من قتل وإعدامات، وسعي إلى التخريب في الدول العربية، خاصة وهي تواجه العقوبات الأميركية.

وفي الحقيقة أن كلا الرجلين جنديان في بلاط المرشد الأعلى علي خامنئي، أو في نظام ولاية الفقيه، مما يعني أنه مهما تغير القادة فستظل سياسة طهران الخبيثة كما هي، لا تتغير بتغير عسكرها، وستبقى المتهم الأول خلف كل الأعمال الإرهابية والتخريبية في المنطقة عبر «أذرعها الإرهابية»، ومن هنا وقفت عبر هذه الأذرعة خلف ما حدث من هجوم على السفن التجارية أمام سواحل الإمارات قرب إمارة الفجيرة، وفي الهجوم على خطوط أنابيب النفط في بلادنا، لأن هذا النظام لا يزال الداعم الأول للميليشيات الإرهابية في منطقتنا، وهي الداعم لـ«حزب اللات الإرهابي» في لبنان، وهي الداعم لميليشيات الحوثي الإرهابية في اليمن، والمسؤولة عن تهريب مختلف أنواع السلاح إليها، كي تبقى مصدر قلق وخطر وإزعاج لكافة الدول الخليجية، وإيران مسؤولة عن خلط الأوراق واللعب على هامش الفوضى التي تحدث في العراق عقب السنوات الثماني العجاف من الحروب التي أتت على الأخضر واليابس فيه، وهي اللاعب الرئيس على هامش الحرب الطاحنة في سورية من خلال دعمها النظام الأسدي الذي قتل نصف شعبه وشرّد نصفه الآخر، ودمّر سورية، وهي المسؤولة عن تغذية الفتن الداخلية في دول الخليج العربي بنشر المذهبية، وبث الطائفية وزرع التابعين لها من خونة أوطانهم، ودعمهم بالسلاح والمال، كي تبقي على نفس الأجواء المتخمة بالفتن والحروب وعدم الاستقرار، وهي وراء عدم تحقق التهدئة في العراق وسورية واليمن، للإبقاء على هذه الحرائق مشتعلة كي تستفيد منها، وقد أنشأت ما يسمى بالحشد الشعبي في العراق وسورية، ثم عملت على دعم تمركزه في البلدين ليبقى ذراعها المسلح الذي تلجأ إليه وتحركه كلما احتاجت إليه.

كما أن إيران تبقى الحاضنة لرموز الجماعات الإرهابية لاستخدامهم وقت الحاجة من قادة القاعدة وداعش وغيرهما من الجماعات الإرهابية، وهذا يعطي دلالة على أنها لن تتوقف عن التدخل في سياسات الدول العربية، خاصة دول الخليج العربي، مهما كان حجم التغيرات فيها، وستبقى تدس أنفها في كل قضاياها وشؤونها الداخلية بغرض تخريب استقرارها وزعزعة أمنها سعيا إلى تحقيق أطماعها، وتوسيع نفوذها ونشر مذهبها، هذه إيران التي مهما حاول زعماء نظامها الإنكار وارتداء أقنعة البراءة والطهارة، فستبقى على سياسة التخريب ودعم الإرهاب.

أعتقد أن العالم لن ينظر إلى هذا التغيير الذي حدث في طهران بالصورة المتوقعة كالتي تأتي من داخل إيران كما أرادوها، بل العكس، سيرى المراقبون أن إيران كشفت القناع عن الرجل الذي لم ينفك عن إطلاق صواريخ تصريحاته النارية لزعزعة الأمن في منطقة الخليج، كدعوته لإغلاق باب هرمز، ودعواته إلى إدخال الفوضى إلى داخل عواصم دولنا الخليجية، وقد تسّلم قيادة الحرس الثوري ليكمل مهمة من بدأ قبله، لهذا فما حدث ويحدث في منطقتنا الخليجية الأيام الفائتة، حري بأن يجعلنا حكومات وشعوبا في حالة يقظة تامة، وإعداد واستعداد لما يدبر في خفاء سياسات زعماء طهران، ويحاك في أروقة هذا النظام، فلا يمكن الوثوق فيه، ولا يمكن تصديق تصريحات قادته الذين يدعون التعايش السلمي داخل المنطقة، ونبذ الحروب والحوار، فهي دعوات مخادعة، لأن أصحاب العمائم لا ينظرون إلى السلام بالمنطقة بعين صادقة، بقدر ما يتوارون خلف شعاراتهم كتغطية لسياسات فرض الهيمنة والقوة والسيطرة، والاستمرار في إشعال الحرائق لضمان عدم استقرار دولنا، عبر تحريكهم «أدواتهم» لتنفيذ أجنداتهم، لكن هذا لن تسمح به دولنا الخليجية، وستظل تقف أمام هذا الصلف الإيراني والمراوغة لتفشل خطط أصحاب العمائم وتحمي أمن دولها ومصالحها.

سياسات عصابات طهران قائمة على المخادعة والمناورة والكذب، كما كذبوا في معاهدة منع السلاح النووي أيام الرئيس الأميركي أوباما، ومن هنا فلن يكون بمقدور أحد أن يصدق أن التغييرات التي حدثت في قيادة الحرس الثوري، أو ما نسمعه من شعارات طهران الداعية للحوار أو النفي المتكرر لعلاقتها بما يحدث في المنطقة، من أعمال تخريب وإرهاب يدعمونه سرا وعلانية، وسيتضح للعالم بجلاء أنها محاولة جديدة في مسلسل مغازلة طهران لدول العالم، وعلى وجه الخصوص أميركا وأوروبا وخداعهم، خاصة في ظل فرض الرئيس الأميركي ترمب للعقوبات الجديدة على إيران، والحزم في تطبيقها، ولعل التحركات الأميركية الأخيرة التي توصف بالحساسة والمهمة، وتحريك أميركا قواتها، وإرسالها حاملة الطائرات US إبراهام لينكون بكل أسرارها إلى المنطقة، لمؤشر أميركي جاد على أن محاولات إيران العبث بأوضاع الخليج ومحاولاتها إشعال الحرائق في دوله، والإضرار بمصالح العالم، لن يُسمح به، وأنه حان موعد «تأديب إيران».