لم يفارقني إيماني العميق بالله، ولم يتخلّ عني اطمئناني إلى وعي شعبنا وإدراكه وعمق مفاهيمه، لحظة واحدة.

وكنت كثيرا ما أتساءل: تُرى إلى أي مدى يسيء الناس ظنّهم بهذا الشعب المسلم المحافظ؟، وهل لأوهامهم التي يطلقونها عليه نصيب من الصحة والواقع؟

وأتريث في الإجابة، لأتمكن من الإلمام بدوافعها، ولكن الحقيقة الواضحة تأبى دائما إلا أن تفرض وجودها كالعملاق، رغم كل الشبهات والأباطيل.

ألا ترى الشمس وهى تنطلق من مشرقها كل صباح؟، هل تحجب أنوارها فلول الليل المنهزمة؟، أم هل تواري إشراقتها الأستار والحجب؟

كذلك هي الحقيقة، إذا وُجِدت فلا مكان للأباطيل، ولا مجال للأوهام، وقد تمر بالإنسان لحظات يائسة، يخطئ إن حكم بها على الحياة، وعلى الناس، لأنها تحكي ظروفها وملابساتها. والأحكام دائما تطلق على أحجار الأساس، على الجموع المؤمنة بحقها، المدافعة عن كرامتها. وأولئك على صلة متينة بمبادئنا وأخلاقنا. وكلهم يريد الإصلاح، ويسعى إلى تحقيقه، ويدرك الجهود المبذولة في هذا السبيل.

والسؤال الآن بعد هذه الحقيقة: كيف نبدأ؟، والجواب عنه أن نبتدئ دائما من القاعدة، من نقطة الصفر، مني ومنك. فكل إصلاح لا تؤيده الأعمال الفردية بادئ الأمر «هراء باطل».

فلنبتدئ بأنفسنا، ثم بأسرنا، وبمحيطنا المحدود، نحارب فيهم الانحراف والشذوذ والتخلف، ونبني بهم صرح الخُلق والحياء والكرامة والفضيلة، في عزيمة مخلصة، وسعي دائب. وإن صدقنا في ذلك فسنجد أن وجه مجتمعنا سيتغير حتما نحو المستوى الأفضل، دون كبير عناء، لأن إصلاحه بدأ من قاعدته.