كتبنا سابقا عن الوضع السيئ لبعض الجامعات السعودية، والانحدار في المستوى الذي تعيشه رغم الدعم، وللأسف كل يوم يزداد الشخص قناعة بأن بعض جامعاتنا ترجع للخلف، وهذا راجع لحالتين، إما أن العالم يتقدم للأمام وبعض الجامعات الحكومية مكانك سر، وهذا يرجعها للخلف، أو أن بعضها فعلًا يتدهور ويرجع للخلف بمعنى الكلمة.

بعد الرؤية الفذة التي يقودها سمو ولي العهد أبوسلمان، تقدمت تقريبا كل قطاعات البلد بشكل أو آخر، بعضها حقق قفزات كبرى وبعضها تقدمه كان جيدا، إلا قطاعين من القطاعات الحكومية، كان تقدمهما أقل من المأمول بمراحل، وقد كتبتها عنهما عدة مرات، وهما: الجامعات والسفارات، وحديثنا اليوم عن الجامعات وما أدراك ما الجامعات!

بعض الجامعات السعودية، خصوصا بعض الجامعات الحكومية، ضربت الأرقام القياسية في عدم إظهار أي نوع من التقدم وفي الجمود والبيروقراطية، هذا غير المشاكل الإدارية «وقلة الدبرة» في استغلال الدعم الهائل الذي يأتيها، وهذا يرجع في أغلبه إلى سوء إدارة بعض الجامعات، وبالأحرى قلة كفاءة إداراتها، وعدم وجود نقلة إدارية لوضع الجامعة على طريق المستقبل. وما زاد الطين بلة، أن بعض الجامعات أصبحت تشبه العزب الشخصية لإدارة الجامعة ومن يعز عليهم ومن يدور في فلكهم وهمشت الكفاءات.

وهذا الكلام قلناه سابقا وقاله غيرنا كثيرا، ولكن ما الجديد في ما هو معروف!

الجديد في هذا المقال اقترحه للوزارة، لعل وعسى ننقذ ما يمكن إنقاذه. ولأن التعليم في نظري أهم استثمار للمملكة وللجيل القادم، ولأن الرؤية تحتاج مواطنين مؤهلين وأكفاء، وهذا يأتي بالتعليم الجيد، وكما يقول بنجامين فرانكلين «الاستثمار في المعرفة يدفع أفضل الأرباح (الفوائد)»، كتبت سابقا عن مناقشة نظام الجامعات الجديد، والذي للأسف أعتقد أن الجامعات غير مستعدة له بشكلها الحالي، فهو يعطي استقلالية للجامعات، أعتقد أن بعض الجامعات لا تستحقه في وضعها الراهن. فإذا كانت الجامعات وهي تستحي من الوزارة قليلا حاليا، ومن أدائها وواسطاتها ومحسوبياتها وقصصها، فما بالك عندما تعطى الاستقلالية؟! سيصبح الوضع عند البعض «شد لي واقطع لك»، ولا أعتقد أن أحداً يؤمن كثيرا بمجالس الأمناء حاليا، لأنها لم تنضج بالشكل المطلوب، وتجاربها غير مشجعة إلا ما ندر، وقد كتبنا سابقا عن الأمل في تأجيل تطبيق قانون الجامعات الجديد، أو تعديله بما يمكّن من رقابة الجامعات، لكن الجديد هو، أقترح على الوزير وعلى المسؤولين وضع نظام الجامعات الآتي:

تعيين رئيس تنفيذي خبير عريق، ذي مؤهلات دولية (أجنبي) لكل الجامعات الحكومية، يقوم بإدارة الجامعة كما تدار الجامعات الكبرى حول العالم بطريقة محترفة عالمية وذات كفاءة، ويعطى كامل الصلاحيات.

يبقى مديرو الجامعات لدينا بمنصب شرفي، يحضرون الافتتاحات، ممكن يكتب مذكراته ليتعلم منها الجيل الحالي، يقوم بتسليم الميداليات لمسابقات الجامعة، يحضر اجتماعات مجلس الأمناء، وحفلات التخرج.

يتم اختيار الرؤساء التنفيذيين للجامعات السعودية من قائمة من الجامعات الكبرى المتقدمة حول العالم، ويحظر ويمنع جلب شلة عرب الشمال مهما كانت جنسيته حتى لو من المريخ، لأن التجارب مع بعض عرب الشمال المتغربين لم تفلح، لأن العقلية فيها بعض!

لا أحد يقول إننا ضد السعودة، فعشرون رئيسا تنفيذيا من 10 ملايين أجنبي في البلد لن يغيروا نسبة السعودة.

يتم تقييم أداء الرؤساء التنفيذيين من لجان مستقلة، ويعطى البونص والميزات بناء على الإنجازات.

أكون صريحا، يهمنا جدا وجدا نجاح الرؤية الفذة، لأننا نعتقد أنها مستقبل الوطن، ولنجاحها نحتاج إلى العامل البشري والموارد البشرية المؤهلة والمبدعة. إن التعليم هو سلاح المستقبل، ويجب أن نربح المستقبل فهو أهم معارك البشرية، وبعض الجامعات السعودية حاليا تعيش ليس في الوقت الحالي، بل تعيش في الماضي، ولا مانع من جلب الخبرات العالمية لكي نسلح الجامعات وتصبح رافداً لبناء المستقبل، وكما قال نيلسون مانديلا «التعليم هو أقوى سلاح ممكن أن تستخدمه لتغير العالم».

هذه الطريقة هي عملية للقضاء على التجاوزات الإدارية والمحسوبية، وكذلك لحسن الإدارة ولاختيار الأكفاء، ووضع جامعاتنا على طريق المستقبل، ولكي تدار بعقلية عالمية تفيدها وتفيد خريجيها، أما الكلام العاطفي، لماذا نحضر خبراء أجانب وغيره، فلن ينتشل الجامعات من كبوتها. أما موضوع جلب استشاريين ودراسات فلم يجدِ نفعاً ما دام القرار بيد «ربعنا» إدارات الجامعات الحاليين. المعادلة واضحة وسهلة (اجلب خبراء محترفين، وأعطهم الصلاحيات، ومن ثم حاسبهم).