دعوني أشير كباحثة في إدارة الأداء التعليمي إلى ملاحظة مهمة عن وزارة التعليم، وهي أنها ترتكب خطأ كبيراً تكرره كثيراً، باستنساخها سياسات تعليم معينة من دولة معينة، ولا تهتم بالسياسات الأخرى التي تتطلبها فرض هذه السياسة، والتي طبقتها هذه الدولة أولا. سأعطيكم مثالاً، في سنة من السنوات قرر الدكتور محمد الرشيد الاستفادة من التجربة البريطانية في تقويم الأداء التعليمي، وهو ما تقوم به OFSTED، وبذل جهده حتى أقنع مجلس السياسات، ومن ثم مجلس الوزراء، وتم إرسال وفد من جامعتي الملك سعود وأم القرى، فكانوا أول من بدأ بصناعة تقويم الأداء التعليمي لدينا، حتى تأسست هيئة تقويم التعليم، والتي يرأس مجلس إدارتها الدكتور أحمد العيسى. هيئة تقويم التعليم هي شبيهة تماما لـ OFSTED وهي نفسها KMK في ألمانيا، لكن مع فارق كبير. أول إجراء في الدولتين كان هو تقسيم الأدوار بين وزارة التعليم والهيئة التي تقوم التعليم، وزارة التعليم مسؤولة عن التعليم والتقويم الداخلي الذي يقوم به المدير والمعلمون، وبذلك استغنوا عن آلاف المشرفين، وأخلوا مكاتب الإشراف التي تتسبب في ترهل الهيكل التنظيمي للوزارة، فهي بلا عمل حقيقي وتتسبب بهدر مالي مرهق للميزانية. ثم منحوا OFSTED و KMK، دور مقيم خارجي، يتصرف بحزم بالغ وشفافية حقيقية يمارسها مقيمون من كل فئات المجتمع المتعلمين، خاصة المتقاعدين من التعليم، كعمل جزئي غير مكلف. في السعودية صنعنا هيئة لتقويم التعليم، وأبقينا الإشراف كما هو، حتى وصل رقم العاملين فيه إلى ثلاثين ألف فرد، يتسببون في هدر مالي، وجهود لا تصب في مصلحة التعليم، والذي يجب أن يكون نشاطه واهتمامه مركزاً على الطالب، وليس عمل الدراسات واللقاءات والمؤتمرات، فهذه مهام الجامعات. وكذلك التدريب والبحث العلمي، وغيره من مهام لا تستهدف الطالب. لذا دعونا نطلب من الدكاترة حمد آل الشيخ وأحمد العيسى، افعلاها، ولتحدد كل جهة أهدافها، وأنقذا ميزانية التعليم من الهدر وخلط المهام.