طالما لفت هذا العنوان -وبشكل واضح- الانتباه في كثير من المؤتمرات الجامعية ومشاركات المملكة في مؤتمرات تخصصية عربيا على مستوى التعليم وروافد وأكاديميات التعليم في الوطن العربي، إلا أن هذا العنوان استهواني لأكتب حوله لضرورة التذكير بأهمية الدور المُتعاظم والمطلوب من جامعاتنا السعودية، سواء الحكومية أو ما كان منها في القطاع الخاص.

ولهذا أعيد صياغة هذا المحور، ما هي خطط الجامعات الإستراتيجية وآفاق التعليم ومدى مواءمتها أهداف رؤية المملكة 2030 ومبادراتها؟، والتي على ضوئها انطلقت منافساتها والارتقاء بمعاييرها إلى تحقيق تصنيف متقدم في المؤشرات العالمية يحقق هذه الأهداف، إن شاء الله.

لقد عمل الباحثون ومؤسسات تربوية متخصصة على إنتاج بحوث ودراسات عميقة لاستخراج إجابة لهذا الموضوع، فدَعت كبريات الجامعات السعودية ومثيلاتها في القطاع الخاص إلى الاهتمام بالبحث العلمي، وأن تكون مخرجات هذه الجامعات خادمة لسوق العمل وسَدّ الاحتياج وتغيير إستراتيجياتها ومناهجها، بل تقديم البرامج التطبيقية على النظرية منها خلال سنوات الدراسة الجامعية، في سبيل تحوّل أهداف ومخرجات الجامعة إلى ما يخدم التنمية الوطنية، وإن كنا نجزم أن كثيرا من خريجي جامعاتنا كانت لهم الفرصة في خدمة الوطن وبتخصصات رائدة يحتاجها سوق العمل، حيث لا يعُمّم الموضوع على كافة المخرجات اليوم.

ومع تسارع خطط التنمية وحرص المسؤولين على التعليم العالي في جامعاتنا أدركنا لماذا جاءت حركة ضخ دماء جديدة في التعليم العالي، واستحداث نائب للوزير للتعليم العالي والبحث العلمي، لأن وراءه ما يُشعرك بأهمية المرحلة وقوة الدفع بالمخرجات لخدمة التنمية والموهبة والإبداع، والانتقال إلى مرحلة الصناعة الذكية والعقل البشري المُساير بعلميته وعقليته إلى تحقيق هذه الاهتمامات التي تتوافق مع رؤية المملكة 2030.

اليوم ما نسمعه عن ربط جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بوزارة الطاقة هو عودة الفرع إلى الأصل للقيام بتنفيذ البحوث في مجال الطاقة والبترول، وحثّ هِمَم الرجال إلى القيام بصناعة تنمية مرتبطة بالطاقة لتحقق رسالة الجامعة، وتحرص على أن يكون منتجها يصب في مصلحة التنمية الوطنية والوصول إلى تحقيق أهداف الرؤية.

جامعة الملك فهد للبترول وجامعاتنا الأخرى عليها مسؤولية كبيرة في إعادة صياغة الإستراتيجيات التي تعمل على ضوئها على مدى سنوات، خرجت جيلا ابتعد قليلا عن أهداف الجامعة، وشكا سوق العمل قلة الفائدة من خريجي الجامعات رغم كثافة الأعداد التي تعلن سنويا، أما اليوم فإن الصورة ستصبح مغايرة بعد إقرار الخطط الجديدة والتوجه لإعادة مخرجات الجامعات من جديد حسب رؤية وزارة التعليم الجديدة، التي أعلن وزيرها الدكتور حمد آل الشيخ أكثر من مرة، إننا جادون لإخراج جيل واع يعمل وفق رؤية المملكة 2030 ويحقق أهداف التنمية الوطنية، ولعل الأيام المقبلة تحمل بشائر التحول في مخرجات التعليم العالي إلى ما يخدم هذه الأهداف -بإذن الله- وفق سياسة تعليمية واضحة المعالم، يتخرج فيها شبابنا مع إخوانهم المبتعثين ليصب في مصلحة رؤية الدولة الطموحة، والتي تهدف إلى الاهتمام بالجانب العلمي والإبداعي والاختراع والذكاء الاصطناعي والسيبراني، مع المحافظة على ما تقوم به بعض الجامعات العريقة من أداء رسالتها دون التقليل من أهمية الأخذ بالجديد والعلم وفنونه.

وبقي تساؤل لدي عن تحول جامعة الملك فهد للبترول والمعادة إلى وزارة الطاقة: هل هو بداية تحول الجامعات السعودية كلٌّ في تخصصه إلى ما يخدم تنمية القطاعات مباشرة، وأضرب مثالا آخر بأن تتحول جامعة الملك سعود إلى ما يخدم الصناعة والتقنية والبرمجيات والذكاء الاصطناعي، أو تتحول الجامعات لخدمة تنمية المناطق والمحافظات، بأن تتجه مثلا جامعة الجوف إلى وعد الشمال ووادي السرحان، وآمال وغيرها، أظن هذا في الطريق حتى تحقق فعلا جامعاتنا أهداف الرؤية السعودية 2030.