حمد الشمري، وهو مترجم كتاب «عبقرية اللغة» الرائع، والذي يستحق القراءة حقيقة، كتب مقالا لطيفا في عكاظ حول كلمات إنجليزية تستوقفه.

ما ألهمني أن اكتب مقالا في السياق نفسه -خاصة أن لدي أيضا كلمات أحببتُها، وأدرتُ رأسي نحوها حين سمعتها للمرة الأولى، ولا أعرف إن كان لها رديف في العربية أم لا، لكن أحببت أن تشاركوني معرفتها.

الكلمة الأولى، سمعتها في برنامج وثائقي عن بيل جيتس، قالها وهو يرفض أن يعتقد البعض أنه يرغب في إلهام الآخرين بما يفعل من خير، ثم قال محددا هدفه من كل ما يفعل وينفق Optimization، وتعني الاستفادة المثلى من أي موقف أو موارد تملك، خاصة عندما تكون مواردنا محدودة أو قدراتنا ضعيفة، لكننا نملكها، لذا علينا بذل سعينا لتحقيق ما يحدث فرقا في حياتنا أو حياة الآخرين.

الكلمة الثانية، هي كلمة جميلة، ولها علاقة بالعطاء أيضا، لكنها مثل الجرس الذي يوقظك أو يبعث في داخلك سؤالا، لماذا لم يعلمني أحد ذلك؟، الكلمة هي Altruism، كلمة أصلها فرنسي لها بُعد فلسفي، وهي تعني العطاء دون توقع مقابل، وبلغة أخرى ألا تكون براجماتيا «نفعيا». والبراجماتية ليست سيئة على الإطلاق، لكن تبدو أنها اكتسحت العالم، وجعلت حتى علاقتنا بالله -جل وعلا- تعتمد على المقابل.

فالناس يقولون لك صَلّ وإلا فلن تسعد في حياتك، وهم يقولون لك «بِرّ والديك وإلا سيدخلك أطفالك دار العجزة».

دائما يربطون عملك بانتظار المقابل الذي تحبّ أو تكره، كأن نفسك وحش كاسر لن يفعل الخير إلا بمقابل.

على كل حال، معنى هذه الكلمة ليس غريبا على أدبياتنا، فلطالما قرأت «وصِلْ من قطعك وأحسنْ لمن أساء إليك»، لكن يبدو أنها لم تفعّل بيننا جيدا بطريقة ما، لأن معظم ألمنا -أقولها غير جازمة- من مواقف كهذه، أعطينا وانتظرنا المقابل لكنه لم يأت، فاتهمنا الآخرين بالتسبب في تعاستنا، رغم أن الأمر خطؤنا أولا. ففعلُنا من الأصل كان يجب أن يكون Altruism.