الليبرالية الجديدة، وهي نظرية اقتصادية غالباً، غزت العالم الغربي منذ الثمانينات وقادته لربط التعليم بالاقتصاد والاستثمار، وهي في الحقيقة وصلتنا متأخرة نسبياً مع رؤية 2030، وكما تعرفون هي تضع الأداء أولاً وتحدد مؤشرات علينا بلوغها بنهاية 2030، لكن ربما لا تعرفون أن إدارة الأداء وضعت يد الشركات والحكومات ووزارات التعليم فيها على سر تحسين أداء الموظف /‏المعلم، وهو سر صغير جداً يلخص بعبارة واحدة وهي «لا تضع المعلم ضد التيار».

المقصود بالتيار هنا هو تيار الإصلاح والتطوير وتحقيق أهداف الدولة من التعليم، وهو في حالتنا النهوض بتعليم يصنع السعودية العظمى اقتصاديا واجتماعيا.

عندما تضع معلما جيدا ضد التيار فسيصرف كل قدرته وطاقته ليصلح تموضعه لينطلق مع التيار، ولو وضعت معلّما مستوى قدراته عادي في وضع يمكنه من السباحة مع التيار فسينطلق بقوة معه وسيبهرك أداؤه، وبالتالي مخرجات عمله.

لكن من يضع معلما جيدا ضد التيار؟

في الحقيقة هناك عدة إجراءات تتخذها القيادات في التعليم تؤدي لوضع المعلم في بيئة ضد التيار، وتكلفنا كثيرا، بعضها خاص بالبيئة المدرسية، مثل معلم مميز وسط فصل فقير، فماذا تتوقع؟!

وبعضها يتعلق بسياسات التعليم، والتي إما أن تكون غير واضحة أو غير موجودة أصلاً، مثل توصيف عمل المعلم والذي لا بد أن يتضمن واجباته وحقوقه، فلا تأت في منتصف العام وتقول له نظّم المرور أمام المدرسة وأنت لم تورد هذا كواجب في دليله الإجرائي مثلاً.. هنا ستخلق رفضا ومقاومة وهدرا للطاقات على أمور كان من الضروري أن توجد في توصيف مهنته منذ البدء، وخطؤك أنت أنك لم تضمنها في العقد بينك وبينه، أو الدليل الإجرائي لمهنته، أو في أي مكان يعد مستندا رسميا تواجهه به لو قصّر.

كذلك غياب هدف تتفق عليه أنت وهو، والذي يبدو أن الوزارة الجديدة انتبهت إلى أهميته، وأصبحنا نسمع منهم نواتج التعليم، لكنه يحتاج لإيضاح للمعلم، ومؤشرات واضحة ومحددة، كذلك يحتاج للأهم وهو الاختبارات عالية الخطورة، أي اختبارات الشهادات، وكذلك «ليقو» يرتب المدارس حسب أدائها.. وهذا مقال آخر.