كثير من القضايا الأسرية لم يكن حلها خلال المحاكم سهلا، لعدم اتفاق الخصوم، وكثير منها قد تتطور إلى قضايا أخلاقية أو جنائية، وذلك بسبب عدم وضوح آلية التدخل لإنهائها على الوجه الشرعي المناسب لها!.

هناك كثير من القضايا أساسها العناد والتحدي والتسلط، من الطرف الذكوري أكثر من الطرف الأنثوي، لذلك كانت النتائج مؤسفة، ولا يدفع ثمنها إلا الطرف الأضعف، والذي غالبا يكون «امرأةً أو طفلا»!، فازدادت قضايا العنف الأُسَري، وارتفعت حالات الطلاق، وظهرت حالات هروب الفتيات في الآونة الأخيرة!.

لذا، فإن القرارات الوزارية أو العدلية التي صدرت خلال الأشهر الأخيرة لمعالجة تلك القضايا، أسهمت بشكل قوي في الحدّ من اتساع دائرة الظلم والعنف الواقع على كثير من المطلقات وأطفالهن، أو بعض النساء لظروفهن وأوضاعهن المختلفة!، أو كثير من الفتيات اللاتي دفعن ثمن انفصال الأبوين منذ طفولتهن المبكرة!.


فالقرار الوزاري بالسماح بالسفر لمن بلغت 21 عاما، عالج كثيرا من مواقف التسلط على بعض السيدات اللاتي وصلن إلى 60 عاما، لكنهن كنّ مضطرات للحصول على موافقة أبنائهن الصغار أو إخوتهن، كي يسمح لهن بالسفر لحضور مناسبة عمل، أو المشاركة في مناسبة أسرية أو اجتماعية، وغالبا ما تكون موافقته بمقابل مادي!.

وعالج أيضا تعسف بعض الأزواج المرافقين لزوجاتهن المبتعثات، خاصة عندما يحدث خلاف بينهم، ويظل يهددها بإيقاف بعثتها وإرجاعها رغما عنها إلى الوطن، والتحفظ بعد ذلك على إثباتاتها الشخصية!.

وكذلك السماح بسفر المحضون مع حاضنه، أسهم في معالجة خلل قوي في بعض الأحكام السابقة، والتي تعطي الأم حق حضانة أطفالها، وتكون مسؤولة عنهن مسؤولية كاملة، ولكن عندما ترغب في السفر مع أطفالها لقضاء إجازة الصيف، تتجه إلى المحاكم كي تأخذ موافقة «الأب - الذي قد يتفضل بموافقته إذا كان راضيا عنهم، أو يستخدم سلاح التسلط ورد الاعتبار ويرفض عنادا وانتقاما من الأم!».

ولكن القرار الأخير لوزير العدل الدكتور وليد الصمعاني، بشأن معالجة تلك الصكوك أحدث صدًى نفسيّا إيجابيّا لدى كثير من الأمهات، وانخفضت نسبة الشكاوى بشأن هذه المعاناة التي احتلت نسبة كبيرة من حجم شكاوى محاكم الأحوال الشخصية!.

وإضافة -أيضا- إلى سلسة من القرارات العدلية التي تحمي كرامة الإنسان وتصونها، تطبيقا للشريعة الإسلامية والتوجيهات النبوية، إذ إن العيش مع الطرف الآخر بالإجبار لم تقّره شريعتنا السمحاء، التي تنصّ على المعاشرة بالحسنى، أو التفريق بإحسان.

سأتناول أحد القرارات المهمة المرتبطة بالمادة 75 من «نظام التنفيذ»، والمتضمن عدم تنفيذ الحكم الصادر على الزوجة بالإلزام بالعودة إلى بيت الزوجية، جبرا، إلى غيرها من القرارات التي تؤكد أن الحياة بكرامة وأمان واطمئنان، والاستمتاع بالحقوق الشرعية من أساسيات نشأة جيل مطمئن ومستقر نفسيّا وعقليّا.