الحب في الله هو أسمى أنواع الحب وأرفعها وأعلاها منزلةً، ومعناه أن يكون داعي الحب هو تقوى وصلاح ذلك المحبوب، فلا يحبه لأجل الدنيا، كمن يحب للمصلحة، فإذا زال داعيها زالت تلك المحبة، ولا يحب لأجل ما لدى المحبوب من مال أو جمال أو منصب أو جاه أو غير ذلك من أغراض الدنيا الزائلة، لذلك يقال: كل حب سببه الدنيا فهو زائل لا يدوم، ولو نفع فإنه قليل النفع، بل قد لا يؤمن حصول المضرة منه، أما الحب في الله فهو خير في كل أحواله، خير له في الدنيا وخير له الآخرة، لما فيه الثمرات العظيمة والعاقبة الحميدة، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله «المحبة والمودة التي بين المؤمنين إنما تكون تابعة لحبهم لله تعالى، فإن أوثق عرى الإيمان، الحب في الله والبغض في الله، فالحب لله من كمال التوحيد». وقال النبي صلى الله عليه وسلم «من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله فقد استكمل الإيمان»، أخرجه أبو داود وصححه الألباني. فالمتحابون في الله ترابطهم فيما بينهم هو أعظم الترابط، وتواصلهم هو أعظم الصلات وأوثقها، ومحبتهم لبعضهم هي أصدق المحبة وأدومها، ولو تفرقت أبدانهم وتباعدت دورهم.

وثمرات المحبة في الله كثيرة منها: أولا: حصول محبة الله، فمن زار أخا له في الله فإن الله يحبه، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم «إن رجلا زار أخا له في قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته ملكا، فلما أتى عليه، قال: أين تريد؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة تربها؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله عز وجل، قال: فإني رسول الله إليك، بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه» .

ثانيا: أن يجد المُحب حلاوة الإيمان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار»

ثالثا: من ثمرات المحبة في الله أن الله يظلهم في ظله يوم القيامة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يقول يوم القيامة «أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي» . فالخلق يوم القيامة أحوج ما يكونون إلى ظل يقيهم حر الشمس، ذلك أنها تدنو منهم قدر ميل.

ومن السنة أن تخبر من أحببته في الله أنك تحبه فيه، فحرّي بنا أن نقولها لمن نحبهم في الله.