يشتكي عدد من الموظفين في بعض الأحيان، وخصوصاً الموظفين الحكوميين، من حالة عدم الوفاق مع مديريهم. وهذا الأمر يعود إلى أسباب وإشكاليات متعددة، بعضها سلوكي، وبعضها تنظيمي، وبعضها خليط ما بين هذا وذاك.

تتجذر بنظري غالب الإشكاليات في إداراتنا الحكومية اليوم، ما بين المدير وموظفيه في قلة الإنتاجية، نتيجة لزيادة أعداد الموظفين، وكذلك لزيادة الاعتماد على الأتمتة الإلكترونية. والتي بالتأكيد لا يستطيع معها المدير أن يفعل شيئاً. ولذلك، فإننا نجد بعض المديرين في غالب الإدارات الحكومية يتحسسون من علاقاتهم مع موظفيهم، فتجدهم يحاولون أن يتعاملوا معهم بدبلوماسية عالية، وكأنهم أفرادا قادمين من جهات رقابية يحاسبونهم ويسجلون أخطاءهم. مع أنه من المفترض، والذي تدعو له الكثير من المدارس الإدارية، أن تتم زيادة التوثيق في الصلات مع الموظفين، ومحاولة كسبهم بالطرق والأساليب الإنسانية المتنوعة، كالتحفيز والابتسامة والصداقة. وكذلك تسهيل الحصول على الرفاهية الوظيفية ولو بشكل ميسر عبر توفير الماديات التي تساعد على تجميل وتحسين واقع البيئة العملية.

هناك جانب آخر (عملي) يجب أن نتحدث عنه، وهو جانب التفويض في إعطاء الصلاحيات والتمكين من العمل. قبل أيام قرأت دراسة نشرتها جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية للباحثة الهنوف الهليل، قدمتها كرسالة لمرحلة الماجستير، تحدثت فيها عن العلاقة بين تفويض الصلاحيات والإبداع الإداري من وجهة نظر منسوبات جامعة حائل. هدفت الباحثة في هذه الرسالة، وبشكل أساسي، إلى قياس واقع الممارسات القيادية، والتعرف على مستوى الإبداع الإداري، من خلال تطبيقه على الموظفات الإداريات في جامعة حائل. وقد توصلت الباحثة إلى عدد من النتائج والتوصيات، ومن أهمها: أن الموظفات في حاجة إلى معلومات تسهم إيجابياً في أداء مهامهن، وكذلك توصلت: إلى أنه يتوجب تخويلهن سلطة كافية لممارسة أعمالهن، وأيضاً توصلت إلى ضرورة العمل على منح المرؤوسات الثقة في قدراتهن على أداء المهام الموكلة إليهن.

سيغضب بعض المديرين من هذه المقالة، لأنها تحدثت ووضعت اللوم كله فقط عليهم، وكأن الموظفين لا حول لهم ولا قوة، وأنهم مجرد شخوص وادعة ومستسلمة لأقدارها تتأثر فقط بما يدور حولها، وأنهم لا يساهمون في صناعة هذا الواقع. والحقيقة، أن الموظفين عليهم ما عليهم، وأنهم بلا شك جزء لا يتجزأ من إشكالات حالة عدم الوفاق الذي نتحدث عنه، ولكني سوف أؤجل الحديث عنهم لمقالة أخرى.

قبل النهاية عزيزي قائد المجموعة الوظيفية، تذكر أن جون ماكسويل له قوانين في القيادة، ومنها: قانون الارتباط. والذي يقول فيه: إن القادة لا بد لهم من أن يمسوا القلوب قبل أن يطلبوا المساعدة.