أثناء متابعتي قناة الجزيرة القطرية، بوصفها أحد المصادر الإعلامية المنحازة والمعادية، لاحظت كثافة في التغطية الإعلامية عن الأخبار المتعلقة بالفوضى بين الهندوس والمسلميين في الهند، إذ تداولت صورا ومقاطع لحرق مآذن، ومساجد، وأعمال العنف ضد المحجبات.

وكنت أتساءل: ما الذي يهم الجزيرة في ذلك؟ ولماذا تقوم الجزيرة وغيرها من المؤسسات الإعلامية المعادية، بتأطير هذا الحدث إعلاميا بشكل يجنح للإثارة، وتهييج العواطف الدينية؟.

قبل الدفاع عن أي قضية بروح انفعالية، علينا التوقف للحظة وفهم أجندة الأخبار، وما وراء الأحداث، لأننا قد نغفل عن السياقات التاريخية والسياسية.

كما أن الدفاع عن بعض القضايا الخارجية قد ينعكس بشكل سلبي على المملكة.

من وجهة نظر سياسية، فإن الجزيرة وغيرها من المؤسسات الإعلامية المنحازة، تناولت الأخبار في الهند دون طرح توضيح علمي لسبب تصاعد القومية الهندوسية في الهند، وما تداعيات هذا الخلاف الإسلامي- الهندوسي في الهند، والممتد لمئات السنين عبر التاريخ.

غفلت هذه المؤسسة الإعلامية، وغيرها، عن شرح تعقيد الأزمة بشكل متزن، وما إذا كانت دول وجهات قد قامت باستغلالها للإضرار بالحكومة الهندية، وبعلاقتها مع أصدقائها على المستوى الإقليمي والدولي.

بالنظر إلى البُعد التاريخي، ترتبط هذه الاحتجاجات الدينية بموضوع كشمير، الأرض التي تُعَدّ من أكثر المناطق المفتقرة إلى الاستقرار بسبب النزاعات الإقليمية بين الهند وباكستان، وبين الهند والصين عليها والمستمرة على مدى العقود القليلة الماضية. تصاعدت وتيرة أعمال العنف بين الهندوس والمسلمين منذ إعلان الهند ضمّ جزء من كشمير إليها.

أما بالنسبة للسياق الإعلامي، فلا يجب إغفال الطريقة التي قامت فيها بعض وسائل الإعلام الدولية بتأطير هذا الحدث، بهدف الإضرار برئيس وزراء الحكومة الهندية الحالية، وبالتالي محاولة التأثير في السياسة الهندية كليّا.

وهنا تتضح معالم ارتباط هذا الخبر بمصالحنا الخارجية، على المستوى الإقليمي والعالمي.

وإضافة إلى ذلك، فإن الصداقة التجارية بين الهند ودول أخرى مثل المملكة وحلفاء إقليميين للمملكة، كالإمارات، وكذلك كون الهند ثالث أكبر دولة تتضمن تعدادا سكانيّا للمسلمين في العالم، كل ذلك يجعل الوفاق الاقتصادي بين السعودية والهند محط استهداف من جهات ودول معادية، عبر استغلال أزمات محلية مثل التوتر الديني القومي بين الهنود الهندوس والمسلمين، عبر تأطير المشهد بشكل يخدم أيدولوجيا الناشر، وليس المتضررين من الأزمة أو الدولة المتأثرة بها.