تساءل العديد من المحامين والناس مؤخرا هل يحق للمحامي حضور جلسات التحقيق؟ أم أن دور المحامي ينحصر فقط في التقاضي أمام الجهات القضائية؟

سلطة محقق النيابة العامة في تمكين المحامي لحضور التحقيقات الجنائية هي تقديرية، والمسألة في الحقيقة أعمق من مجرد ممارسة مهنية غير متفق عليها، ولا عتب لديّ إذا لم يمكن المحقق المحامي من حضور جلسات التحقيق، فالخلل في الحقيقة في نصوص نظام الإجراءات الجزائية. أشارت المادة السبعون إلى أنه «ليس للمحقق -أثناء التحقيق- أن يعزل المتهم عن وكيله أو محاميه الحاضر معه. وليس للوكيل أو المحامي التدخل في التحقيق إلا بإذن من المحقق، وله في جميع الأحوال أن يقدم للمحقق مذكرة خطية بملحوظاته، وعلى المحقق ضم هذه المذكرة إلى ملف القضية». يفهم من هذا النص أنه فسر الماء بعد الجهد بالماء، فترك النص عائما هكذا يعني أنه من سلطة المحقق التقديرية، متى ما رأى تدخلا من المحامي في التحقيق فله أن يمنعه من الدفاع عن موكله، وفي الأساس فإن حضور المحامي للدفاع عن موكله أثناء جلسات التحقيق يعدّ تدخلا، وهو تدخل إيجابي، فبعض أسئلة المحقق قد تكون اتهاما صريحا. إذاً وجود المحامي أثناء عملية التحقيق مهم للغاية، وقد ينبه المحقق للأخطاء النظامية التي قد تقع منه، وتضعه تحت طائلة المساءلة. ما الحل إذاً؟ الحلول كثيرة والغاية واحدة. ربما تفسير نظامي لهذه المادة من قبل مجلس الشورى، وهي أحد اختصاصاته أو تتم إعادة صياغة هذه المادة من قبل هيئة الخبراء بمجلس الوزراء، أو يوجه النائب العام أعضاء اللجنة العلمية بدراسة مسببات هذه المشكلة، وتغيير السياسات الحالية أو تتحرك هيئة حقوق الإنسان بالمطالبة بمراجعة المادة أو تعديلها طبقا للمادة الخامسة من تنظيمها.

إن تدخل المحامي في عملية التحقيق للدفاع عن موكله، يندرج تحت ما يسمى الرقابة المدنية، حيث إننا بالمملكة بالغالب نفعل الرقابة الداخلية، ولدى النيابة العامة نظام وإجراءات ودوائر تفتيش على المحققين، إلا أن هذا النوع من التدخل للدفاع عن الموكل هو أمر إنساني كفلته جميع التشريعات العالمية، وهو حق من حقوق الإنسان.