مقالة اليوم تقوم على محورين، محور القيادة في الأزمة، ومحور فريق المهام الأزموي. وهما محوران متقاربان ومرتبطان بعضهما بالبعض الآخر. فالقيادة بلا شك أنها أحد أهم مرتكزات الوضع الطبيعي في أية منظمة، فما بالك بالأزمة، إذ إنه كلما كان الاختيار للقائد اختيارا جيدا كان العبور بالنظام والمنظمة إلى بر الأمان أسهل وأيسر وأفضل. ولذلك يجب التفريق كما يرى الدكتور رجب عبدالحميد بين القيادة والرئاسة في عدد من الأمور، الأول: (مصدر السلطة) حيث يرى أن المصدر إما يكون وفق طريقة تلقائية تفرض نفسها على واقع الحال، وهذه هي القيادة، أو وفق نظام رسمي ومحدد يستمد منه الرئيس سلطاته وقوته، وهذه هي الرئاسة. الثاني: (الأهداف) فالقائد يسهم مع فريقه برسم أهداف مشتركة، بينما الرئيس ينفرد برسم الأهداف في حدود المصالح التي يراها بنفسه. الثالث: (العلاقة داخل الجماعة) فجماعة القائد تعمل وفق فريق واحد ومتماسك، بينما جماعة الرئيس غالبا لا يشعر أفرادها بالتضافر والتماسك. الرابع: (العلاقة بين الرئيس والجماعة) فعلاقة القائد بفريقه قوية ووثيقة، بينما علاقة الرئيس بفريقه تفصلها هوة واسعة، وذلك من أجل أن ينفذ الرئيس أهدافه بدون ضغط الجماعة.

وفي رأيي أنا، أن هذا التفريق قد لا يكون دقيقا بشكل كبير، فكثير من الأحيان يمكن أن يكون هناك رئيس تم تعيينه بشكل رسمي من قيادة الدولة أو إدارة المنظمة، وبقوة تأثيره الشخصي يستطيع أن يكون في الوقت نفسه قائدا رائدا في الأزمات، والشواهد على ذلك كثيرة. ولذلك يمكن القول بأن مهمة قائد الأزمة تكمن في أن يخرج بعدد من النقاط الآتية: أن يكون الهدف الرئيسي لقيادة الأزمة هو السيطرة عليها وعدم تصعيدها لحدها الأعلى. وكذلك أن يفهم القائد بأنه لا يمكنه أن يترك فريقه جامدا ومقيدا بسلسلة من الإجراءات البيروقراطية. وأيضا عليه تحفيز ودفع الناس للمشاركة وحشد الطاقات الكامنة فيهم من أجل تنفيذ أعمال ليست روتينية. وأخيرا عليه أن يدرك أن علاقته بالأزمة علاقة تفاوضية وليست علاقة نصر أو هزيمة، علاقة تقوم على التفاوض الجيد مع كافة الأطراف، وبالتالي تهدئتها ومن ثم إزالة تلك الأسباب التي دعت إلى تلك الأزمة لضمان عدم تكرارها.

ومن أهم الأمور على قيادة الأزمة، أن تهيئ قيادات بديلة تقوم بالعمل نيابة عنها في حال اختلال بعض الأوضاع، فلا أحد يضمن مستقبل المنظمة ولا مستقبل أفرادها أثناء عبورها لأزمتها التي تمر بها أو حتى بعد انتهائها، فبناء القيادات البديلة أمر ضروري ومستمر.

أما ما يتعلق بالفريق، فمن المهم معرفة أن إدارة الأزمة عمل جماعي وليس فرديا، وبالتالي فإن المهارات والقدرات ورباطة الجأش والطاعة العمياء والولاء والتضحية تعتبر أمورا ضرورية في أفراد الفريق. وكذلك فإن من الضرورة أن تكون لدى أفراد الفريق خصائص شخصية تتمثل في الشجاعة والتفاؤل والقدرة على تنمية القدرات الفردية من توقع وتخيل للقادم، لأن على هذه الفرق واجبات ومسؤوليات قبل الأزمة وأثناءها وبعدها. أحد أهم الواجبات التي تكون قبل الأزمة، الإشراف على وضع السياسات والإجراءات، واختيار مركز إدارة الأزمة، وفريق الأزمة، وتحديد السلطات. أما أثناءها فعليها أن توزع جداول العمل، وتركز على المشكلات، وتتأكد من تدفق المعلومات. أما بعدها فيتوجب على الفريق تقويم فاعلية أعماله، وتقويم أداء أفراده، وترتيب طرق استعادة نشاط وعمل المنظمة. هذا ما يراه الدكتور رجب عبدالحميد في وضع فريق عمل الأزمات، إذ يترك للمنظمة اختيار فريقها المناسب. أما الدكتور أحمد ماهر فيرى أن تكوين فريق العمل يجب أن يمثله شخص من كل إدارة (رئيس الفريق من الإدارة العليا، عضو من كل إدارة في المنظمة، ممثل عن العلاقات العامة، ممثل للموارد البشرية، ممثل للشؤون المالية، ممثل من إدارة الأمن، ممثل من الشؤون القانونية)، ويعتقد أن تحديد مسميات الأشخاص يجب أن يكون معلوما ومحددا بشكل مستمر، إذ بمجرد حدوث الأزمة ينعقد الفريق ليباشر أعماله.