جاء في المادة الأولى من نظام مجلس الشورى الاستشهاد بقوله تعالى: (وشاورهم في الأمر)، وقوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم)، و(الأمر) الذي تعتني به هذه المادة الافتتاحية جاء مطلقا لم يقيد سوى بالتوافق مع كتاب الله وسنة رسوله، وبما لا يخالف النظام الأساسي للحكم.

ويعني ذلك شمولية اختصاص مجلس الشورى لشؤون الحياة العامة كافة. ولكننا مع ذلك ما زلنا نجد أن بعض التوصيات تسقط بسبب عدم الاختصاص! فكيف يمكن أن يؤدي مجلس الشورى - وهو جهة تشريعية - وظيفته المنوطة به إن كان يصطدم مرارا وتكرارا بجزئية الاختصاص؟ وهل تم تفسير عدم الاختصاص بشكل قانوني انطلاقا من مواد نظام المجلس؟

بالعودة لنظام المجلس نجد أنه نص في المادة (15) على أن للمجلس على وجه الخصوص ما يلي: أ- مناقشة الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإبداء الرأي نحوها. ب - دراسة الأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات، واقتراح ما يراه بشأنها. ج - تفسير الأنظمة. د- مناقشة التقارير السنوية التي تقدمها الوزارات، والأجهزة الحكومية الأخرى، واقتراح ما يراه حيالها.

كما ينص في المادة (19) على أنه يحق للمجلس أن يكوِّن من بين أعضائه اللجان المتخصصة اللازمة لممارسته اختصاصاته. وله أن يؤلف لجاناً خاصة من أعضائه لبحث أي مسألة مدرجة بجدول أعماله.

وفي المادة (22) نجد أنه على رئيس مجلس الشورى أن يرفع لرئيس مجلس الوزراء بطلب حضور أي مسؤول حكومي جلسات مجلس الشورى، إذا كان المجلس يناقش أموراً تتعلق باختصاصاته، وله الحق في النقاش دون أن يكون له حق التصويت.

وأخيرا نجد في المادة (23) من ذات النظام ما نصه (لمجلس الشورى اقتراح مشروع نظام جديد، أو اقتراح تعديل نظام نافذ، ودراسة ذلك في المجلس، وعلى رئيس مجلس الشورى رفع ما يقرره المجلس للملك)

بعد استعراض هذه المواد وفحص الألفاظ الواردة فيها نرى بما لا يدع مجالا للشك شمولية اختصاص مجلس الشورى لشؤون الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكل ما له مساس بالمصلحة العامة أو مسيرة التنمية.

أعتقد جازما أن المجلس سيكون أكثر تأثيرا وفاعلية وانسجاما مع رؤية الدولة، كلما حقق الاستفادة القصوى من شمولية ومرونة نظامه. وكلما سعى لوضع تفسيرات قانونية دقيقة للأنظمة. وقد أشرت سابقا لأهمية إيجاد إدارة عامة قانونية ضمن الهيكل التنظيمي للمجلس ولعلها تختص بشكل أساسي بهذه المهمة التاريخية.

كما أن المتأمل في نظام المجلس الصادر بأمر ملكي كريم في عام 1412 سوف يدرك أن القيادة الرشيدة تدفع دائما باتجاه فتح المجال كاملا أمام الشورى شكلا وموضوعا، من أجل بناء أساس متين لكافة القرارات ودون استثناء.