يبدو محيراً تصور ما سيطلق على قرية «السقيد» في محافظة فرسان من ألقاب في الغد القريب، بعدما استحقت بجدارة لقب «قرية النخيل».

والسقيد تبعد 45 كم عن محافظة فرسان، وتميزت على الدوام بنخيلها المعمر، والممتد ربما لأكثر من 400 عام في الماضي، صامدا في وجه المتغيرات، تشهد حاليا حالة احتضار لهذا النخيل الذي يموت واقفا ببطء شديد، وسط غياب الاهتمام والرعاية من الجهات المختصة والمواطنين، حتى تحول من واجهة جمالية إلى تشوه بصري.

الاحتضار الذي يشهده نخيل السقيد ذكّر أهالي فرسان بمقطع الأغنية الشهيرة «يموت الشجر واقف، وظل الشجر ما مات»، وقد تفاقم بشكل متسارع بعد وفاة آخر المهتمين برعايته وهو المسن عمر أبكر عقيلي قبل عام، فيما ينتظر بقية النخيل من يعيد إليه الحياة من جديد.

مصدر اقتصادي

هناك 200 مزرعة نخل في قرية السقيد بفرسان، وأكثر من 10 آلاف نخلة، تنتج 2000 طن سنويا من الرطب والتمر، وتتشكل على شكل بساتين، وتعد مصدرا اقتصاديا هاما لأهالي قرية السقيد. وكان حصاد نخيل السقيد يصدر إلى أسواق جازان وأبوعريش وصبيا التي كانت تحظى بتواجد أكثر من 100 مزارع وعامل وحارس، وتحظى باهتمام بالغ من قبل مالكي بساتين النخيل، واهتمام وجهود من قبل شيخ القرية علي محمد أشقر، وشباب القرية.

مصيف خاص

تعد فترة هبوب الرياح الشمالية في أوقات الصيف في السقيد، فترة مناسبة لمصيف أهالي فرسان، يتم خلالها جني الرطب من المزارعين، وتخزينه على شكل قواصر، وبيعه وتصديره خارج فرسان، وكان لكل بستان نخيل عدد من آبار المياه، كما أن مياه الأمطار توزع على البساتين بشكل متساو باستخدام عقوم ترابية تحمي مياه السيول، وتخرج الفائض من المياه عن طريق الهجلة، التي تعد منفذا محفورا يشق طريقه إلى البحر من خلف البساتين، ويستنفر ملاك المزارع جهودهم في الاعتناء بالنخيل ونظافته، وإخراج جريد النخل لاستخدامه في صناعات محلية مثل المنازل التي يطلق عليها العشش، واستعمال أكراب النخل حطبا لمدافئ النار.

بكاء على الأطلال

لم يبق لأهالي فرسان سوى البكاء على الأطلال، وترديد أبيات خاصة ترثي موت نخيل السقيد، وعدم الاهتمام به، واستذكار همم المسن عقيلي الذي غادر الدنيا، تاركا خلفه رسالة مفادها، «من يحيي النخيل من جديد»، حيث كان يعمل على لقاح النخل، والاعتناء به طيلة حياته، وقد خصص له غرفة صغيرة بجوار النخيل، وهو يعد مرجعا تاريخيا، لمن يريد الحصول على معلومات النخيل، وأصحاب المزارع، وكان يبدأ عمله بتسلق أعالي النخيل من الذكور وتلقيحها كي تثمر، ولكبر سنه وكثرة النخيل، لم يستطع الاهتمام والعناية بكل النخيل المتواجد، فقصر اهتمامه على 5 إلى 10% من الموجود في آخر حياته.

معوقات الرعاية

أدى عزوف كثيرين عن العمل في مهنة النخيل في الوقت الحالي، في انتشار أشجار السلم بين النخيل، وقاد عدم وجود مساعدات للمزارعين في وضع معوقات عدة أمامهم، وتعاضد ضعف الطلب على تمور القرية، في إهمال المزارعين للنخيل، ما تسبب في موت كثير من أشجاره، خصوصا مع قلة مصادر المياه والأمطار، وزحف المباني السكنية على مداخل المياه، وكثرة مخلفات النخيل.

سوق متكامل

أكد شيخ قرية السقيد بفرسان علي مقبول أشقر لــ«الوطن» أن نخل السقيد قديم جدا، ويعود تاريخه إلى أكثر من 400 عام، لافتا إلى أن الاهتمام به كان واضحا، ويقام به سوق متكامل أيام الصيف، يحتوي على الشاي، والقهوة، والأكلات الشعبية من الأبصار، واللخية، والبيض، والخمير، والسمك، مشيرا إلى أنه كان له حراس يتواجدون طوال اليوم، وكان النخل من الداخل نظيف بشكل كبير، وتوجد قوانين لعمليتي التلقيح والقح، ويتم جني البلح صباحا، وعمل المضاحي لتجفيفه، ووضعه في أكياس وجمعها.

مطالب بالاهتمام

بيّن أشقر، أنه تمت المطالبة بتنظيف النخيل والاهتمام به، وباشرت البلدية تنظيفه من أشجار السلم، بمساعدة شباب القرية، إلا أن العمل توقف، مشيرا إلى أنهم يجددون المطالبة بتوفير قروض للمزارعين، وعمل مخطط لإنارة نخيل السقيد، والقرية الداخلية، ورصفها من قبل البلدية، مضيفا أن نخيل السقيد بحاجة إلى الاستثمار، والاعتناء بنظافته، وزيادة أعداده، وإخراج التالف منه، مناشدا الجهات المسؤولة بالسياحة أن تكون هذه الواحة مصيفا دائما، لتواجد النخيل، وسواحل خور السقيد، والمناطق الرملية.

مزرعة نخل بالسقيد

10 آلاف نخلة في مزارع القرية

400 عام امتداد تاريخ نخيل السقيد

معوقات تعترض استمرار النخيل

عزوف كثيرين عن العمل فيه

ضعف الطلب على تمور القرية

كثرة تواجد أشجار السلم بين أشجاره

قلة مصادر المياه

زحف المباني السكنية

كثرة مخلفات النخيل

أبرز مطالب الأهالي

تنظيف النخيل والاهتمام به وزيادة أعداده

إعادة إنتاج النخيل وتصديره

توفير قروض للمزارعين

إنارة النخيل ومداخل القرية

عمل أرصفة جانبية من قبل البلدية

تحويل واحة السقيد إلى مصيف دائم

جذب المستثمرين