في كل ليلة وبينما آوي إلى الفراش وبيدي أحد الكتب، أشعل مصباح القراءة وسط ظلام الغرفة، وسرعان ما أنغمس في القراءة لدرجة أني لا أشعر بنفسي إلا وقد استيقظتُ في الصباح التالي.

كنتُ لا أدري متى توقفتُ عن القراءة ولا عند أي صفحة قد غمضت عينايّ، هذا عدا أنني كثير التقلب في نومي، لذلك كنتُ دائمًا ما أجد الكتاب مغلقًا تحت الغطاء، وبالتالي كان عليّ يوميا إعادة قراءة بعض الصفحات ومحاولة تذكر بعض السطور التي مررتُ عليها بالأمس.

أما الآن وبعد أن صارت القراءة عادتي السريرية، فقد حدث تغيّر ما، وأصبحتُ أجد الكتاب مفتوحا في كل صباح على ذات الصفحة محتضنا صدري، فيما أنا في حالة استسلام تام له.


لماذا أصبحتُ أنام بلا تقلب؟! شغلني هذا التساؤل لبعض الوقت، وعندما لم أجد الجواب الشافي، انشغلتُ عنه. لكني توصلتُ إلى الجواب بعد مدة من الزمن، أظن ذلك، فالأجوبة لا يصل إليها المهتم بها إلا بعد انشغاله عنها!

حقيقة كان الجواب بسيطًا على النحو الذي لم أكن لأندهشّ لولا أنه كذلك، وكان مقنعًا وحقيقيًا بالنسبة لي على الأقل، وإنه بلا شكٍ كان مرتبطًا مباشرةً بالقراءة ونوعية الروايات والقصص التي أقرأها وأفضلها على غيرها باستمرار.

الجواب له علاقة بالقراءة والكتب ودوستويفسكي وماركيز، وكذلك كثير كثير من الأسماء الكبيرة وأعمالهم الحية، فهل ثمة من يقرأ الأعمال الرائعة ولا يجد بعدها جوانب جمالية في كل ما يراه، حتى في كوابيسه؟!.

هذا هو الجواب، أن ترى الأشياء من جانب آخر!، وهو بالضبط ما حدث لي بعد وقت من القراءة، كنتُ قبله كثير التقلب في نومي، بسبب الكوابيس التي دائما ما كنتُ أراها مخيفة.

أما الآن وبعد ما نمت لدي القدرة على الرؤية من الجانب الآخر، وغدوتُ أرى الجمال في كل شيءٍ، ليس الخوف الذي تلاشى من نومي وحسب، بل إنني أيضًا أصبحتُ أحب كوابيسي!.