الجميع يدعي التوسط وينكر التطرف، ولكل طرف أطرف منه، وتبقى المخرجات القولية والفعلية تؤكد هذه الدعاوى أو تنفيها.

ومن التطرّف «الخلط» بين الحق والباطل، كخلط الأوراق؛ لتضييع الحقائق، والتستر على الضلال.

فالقيم الإسلامية لا تفرق في تعاملها بين المسلم وغيره، وإنما تشمل البشرية بتنوعها الإنساني، وخلقها الرفيع، كقوله تعالى (وقولوا للناس حسنا).

ومبادئ الإسلام تشمل الناس جميعاً بسمو قيمها، كقوله صلى الله عليه وآله وسلم (وخالق الناس بخلق حسن).

ويخلط التطرف بين مبدأ «الموالاة» في الدين، وبين علاقات «التكريم» و«التعايش» الإنساني، كقوله تعالى (ولقد كرمنا بني آدم).

كما يخلط بين «الاحتياط» كحق فردي بالممارسة، وبين «التسهيل» كحق عام لا يجوز حمل الناس على ما سواه.

والخلط بين «القناعة» الناتجة عن اجتهاد شخصي، وبين «الحقيقة» التي يدعيها، ويزعم الإجماع فيها، وينكر بناءً عليها.

والخلط بين «الأصول» المتفق عليها ولا يسع المؤمن جهله، وبين «الفروع» التي يعتبر الخلاف فيها سعة ورحمة.

والخلط بين «الأخوة» النسبية، والأخوة الدينية، والأخوة الإنسانية، فيقدم الأولى «العنصري»، ويقدم الثانية «المؤدلج» بفكر أممي على حساب أخوة الوطن والقومية، وأما الثالثة ففي «التسامح» بلا اعتداء ولا انهزام.

والخلط بين المسائل «الفردية» الخاصة وبين المسائل «الجماعية» العامة، فالشأن الخاص يحتاج للنظر فيه وفق (المقاصد الشرعية)، والشأن العام يحتاج للانطلاق فيه وفق (السياسة الشرعية).

فلا تخلط حتى لا تجازف وتسيء للإسلام.